الأحد, 8 سبتمبر 2024

وا معتصماه

156 مشاهدة
منذ 6 سنوات
العرب – إبراهيم الزبيدي يعرف القراء العراقيون والعرب حكاية وا معتصماه. فهي باختصار صرخة استغاثة قالتها امرأة عربية مغتربة مَهيبة جليلة تُسحل إلى السجن سحلا، وسمعت تصيح في لهفة: وا معتصماه وا معتصماه. فأرسل المعتصم رسالة إلى أمير عمورية يقول له فيها “من أمير المؤمنين إلى كلب الروم، أخرج المرأة من السجن، وإلا أتيتك بجيش بدايته عندك ونهايته عندي”. وحين لم يستجب الأمير الرومي انطلق المعتصم بجيشه فحاصر عمورية إلى أن استسلمت ودخلها باحثا عن المرأة، فلما حضرت قال لها: هل أجابك المعتصم؟ قالت نعم. وللعراقيين اليوم، في بغداد، وليس في سامراء، معتصم آخر ولكنه شحيح العزم،  ويقبل الإهانة، وينام ليلته هانئا دون أن يردها على أصاحبها، واسمُه حيدر العبادي. فهو يرى دولته كلها، بأرضها وشعبها، تُنتهك ويُداس على رقبتها بالأقدام ولا يهب لنجدتها. حتى حين تجرأ علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني، وقال، من بغداد، إن نظام الولي الفقيه وحده من يقرر نتائج الانتخابات القادمة، وحين تجاسر عضو المجلس الأعلى للثورة الإيرانية، رحيم بور أزغدي، فأعلن “أن الأوان قد آن لإعلان الإمبراطورية الفارسية في المنطقة، ومن قلبها النابض، العراق”، لم يفعل شيئا. ورئيس جمهوريته ورئيس برلمانه ووزير خارجيته وجميع قادة الأحزاب والتكتلات والتيارات والميليشيات الانتخابية (الوطنية)، فهم، جميعا، مثله. فقط موظف صغير في وزارة خارجية، هو إبراهيم الجعفري، خرج عن صمت الحكومة بكلمات قليلة باردة عابرة، رفعا للعتب، دون أن يتجرأ على البوح باسم واحدٍ فقط من أصحاب التصريحات الإيرانية، فقال إن “أي تصريحات تصدر من أي طرف تشير إلى التدخل في الشأن العراقي أو الهيمنة على العراق مرفوضة”. ويشاء السميع العليم، وفي نفس الوقت، أن يلطم الناطق باسم وزارة الخارجية العراقية ببيان من مكتب رئيس المجلس الأعلى، همام حمودي، عن اللقاء الذي جمعه، هو ورئيس تحالف الفتح هادي العامري وعدد من قادته، بعلي أكبر ولايتي يقول إن “فوز تحالف الحشد هو فوز لمشروع الإمام الخميني”. كل هذا يجري في العراق وأصحاب الائتلافات والتيارات والتحالفات والقوائم الانتخابية، (الفتح والنصر والإصلاح وبيارق الخير ومنتصرون والاستقامة ودولة القانون وعصائب أهل الحق والفضيلة ومتحدون)، يتشابكون ويتقاتلون ويتسابقون في إطلاق وعودهم باجتثاث الفساد، وبالدفاع عن الوطن والنزاهة والشرف والمصالحة. والعراقيون، جميعهم، يعلمون أن نتائج الانتخابات القادمة محسومة سلفا، وأن الحاكم الجديد هو الحشد الشعبي الذي لن يقاتل إلا للدفاع عن الإمبراطورية الفارسية الجديدة التي قرر الإيرانيون، وليس العراقيون، أن العراق هو قلبُها النابض، شاء من شاء وأبى من أبى. ورحم الله المعتصم ورحم أيامه التي لن تعود.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *