الخميس, 20 فبراير 2025

هل يمكن حل مشكلة( قسد) شمال شرق سورية؟.

118 مشاهدة
منذ أسبوع

                  هل يمكن حل مشكلة (قسد) شمال شرق سورية ؟

كتب: أحمد سعدو

رغم تواصل الحوار بين الادارة الجديدة في دمشق وتنظيم (قسد) وقائد قواتها في شمال شرق سورية مظلوم عبدي، لكن وكما يبدو فمازالت ميليشيا (قسد) تتمسك بالقرار الذي يشير إلى صعوبة أن  تحل نفسها، وبالتالي الاندماج في الجيش السوري المزمع تشكيله،  وهذا الأمر لن يكون واردًا، كمطلب  أكيد من قبل الإدارة الجديدة في دمشق، ولن تقبل دمشق بأن يكون ذلك وفق شروط كانت قد وضعتها (قسد) التي تقول بأن وجود قوات (قسد) داخل المؤسسة العسكرية السورية التابعة لوزارة الدفاع السورية الحالية، وفق اعتبار استمرار قوات (قسد) ضمن تركيبتها العسكرية الآنية الصلبة، وعبر تبعيتها لقيادة مظلوم عبدي، دون أن تقبل الخضوع لتوزيعات عسكرية جديدة قد تشتت شملها وتبعثر قوتها، وتمنع دورها العسكري الموحد كرديًا والمهيأ لقيام وحراسة وحماية اللامركزية  السياسية التي تتحدث عنها (قسد)،  دون القبول بأي اعتبار إلى أنها من المفروض أن تكون قد أصبحت ضمن بوتقة المؤسسة العسكرية السورية الجديدة المندمجة كليًا  والموحدة أيضًا .

هذا التعنت (القسدي) كان ومازال هو المعضلة الأهم والأكثر صعوبة، أمام تحرك وتمحور سياسات الإدارة الجديدة في دمشق، والذي قد يحول عمليًا فيما لو تم الرضوخ له، دون محددات توحيد سورية،  بل قد يفتح المجال على مصراعيه أمام غير فصيل عسكري سوري في محافظات أخرى سورية ، مثل السويداء وجبل العرب، أو حتى في الشمال السوري، ومن ثم يخلق الأسباب والأعذار وكذلك الشروط الموازية والمتساوقة مع شروط السيد مظلوم عبدي، وهو ماسيجعل إمكانية وحدة الجغرافيا السورية من جديد مسألة فيها نظر، وحالة خطرة، سوف تهدد بالضرورة كل مايتم البناء عليه في دمشق، بعد أن حصلت عملية كنس ميليشيا الإحتلال الإيراني، وأيضًا فرار رأس النظام السوري السابق الى موسكو.

ويبدو أن معظم المراقبين المهتمين بالشأن السوري، وما يجري في شمال شرق سورية، والمتابعين لتصريحات وأيضًا علاقات ميليشيا (قسد) مع إسرائيل، والادارات الأميركية المتعاقبة،  ينظرون إلى ذلك من موقع الإنقسام وتفتيت الواقع السوري، بل والذهاب إلى التوقف أمام خطر الإنفصال المفترض قسديًا، والولوج في حلول عسكرية، سوف تغرق المنطقة في شمال شرق سورية بالدماء من جديد . ومن ذلك أيضًا الموقف التركي الصلب والذي لم يقبل سابقًا ولن يقبل حاليًا ولا مستقبلًا أن تستمر ميليشيا (قسد) في السيطرة على الحدود التركية السورية، في امتداد واسع جدًا لشمال شرق سورية، حيث ترى الدولة التركية أن ذلك يؤسس إلى مساحات واسعة ومستمرة من القلق الأمني القومي التركي، هذا القلق  المتواصل الذي سينسف بالضرورة أي حالة هدوء على حدود تركيا الجنوبية الشرقية مع سورية، من منطلق أنه لا ثقة مطلقًا من قبل الأتراك والدولة التركية العميقة،  في كل تكوينات وتجليات ميليشيا (قسد) التي تتجمع داخلها، وبين ظهرانيها، بل لعل تلك العناصر تقودها في بعض الأحيان كمليشيا وكوادر عسكرية لمنطمة (ب ك ك) المصنفة إرهابية، وهي المنظمة التي طالما شكلت خطرًا مستمرًا يقض مضجع الأتراك ، على امتداد مجمل حالات ومتغيرات وانزياحات الأمن القومي التركي، وشكلت وماتزال عائقًا حقيقيًا وجديًا أمام أية علاقات جديدة مع الدولة السورية في السابق واللاحق.

الأوضاع المشتعلة في شمال شرق سورية، وبعد استمرار فشل معظم اللقاءات والحوارات (حتى الآن) بين الإدارة الجديدة في دمشق ومليشيا مظلوم عبدي، باتت أمام أمرين لا ثالث لهما، وهما إما قبول (قسد) ومليشياتها حل نفسها، والاندماج في مفاصل المؤسسة العسكرية والجيش السوري، ومن ثم طرد وبشكل نهائي لكل عناصر ال (ب ك ك) من بين صفوفها، وعودتهم إلى جبال قنديل، أي من حيث أتوا، وبالتالي يتم ضم المناطق التي تسيطر عليها (قسد) إلى الدولة السورية الجديد،  أو أن يكون  الحل الآخر الذي لايريده السوريون، وهو إعادة فتح معركة واسعة بين دمشق، وقوات (قسد)، ومن ثم تحقيق وإنجاز حالة وحدة سورية بالقوة العسكرية، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من سفك الدماء بين كل الأطراف،  ومن الممكن في هذا السياق، وعلى الأرجح، أن تتدخل القوات التركية المتمركزة على الحدود منذ فترة طويلة، وتنهي نهائيًا أي وجود لهيئات (قسد) ومليشياتها، ومن هم جوانيتها، من أمثال الفصيل الارهابي (ب ك ك) .

وهنا لابد من القول أن الخيار الثاني سيبقى مرهونًا بتفاهمات جديدة مع الإدارة الأميركية الجمهورية الجديدة، أي إدارة (دونالد ترامب) وهو أمر متوافق مع سياسات أميركية لم يعلن عنها بعد، لكن من ينظر إلى ذلك لابد أن يقارن بينها وبين سياسات الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) السابقة خلال فترة رئاسته الأولى، عندما سمح عبر تفاهم مع الدولة التركية أدى إلى إنجاز عملية تركية في شمال شرق سورية، سميت في حينها بعملية (نبع السلام) التي أدت الى خسارة (قسد) مساحة جغرافية مهمة، طالت كلاً من مدينتي (تل أبيض) وأيضًا مدينة (رأس العين).

أما المعضلة الكردية (القسدية) اليوم فهي جد خطيرة، وهي مازالت تنتظر مخرجات الدور والتفاهم التركي الأميركي والذي قد يؤدي إلى أن  يتم الضغط على (قسد) إما عسكريًا أو سياسيًا، كي تكون هيئات ومليشيا (قسد) ضمن أتون الدولة السورية، التي تتبع دمشق، وعبر تفاهمات حالية ومقبلة في سياق عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري الموسع والمرتقب، من حيث أن مشكلة (قسد) و(مظلوم عبدي) هي من أهم الأسباب التي مابرحت تساهم في تأجيل انعقاد المؤتمر المشار إليه، ويجري الحديث عن دور إيراني خبيث في دعم (قسد) ومنعها من التوافق مع دمشق والحكومة الجديدة.

ولعل الواقع يقول أنه بعد انتصار الثورة السورية في ٨ كانون أول / ديسمبر ٢٠٢٤ لن يكون هناك أية إمكانية عملية لوجود ميليشيات عسكرية تهيمن على أجزاء من سورية، ومن ثم غير خاضعة للدولة السورية، كما لن يكون (حسب الادارة الجديدة في دمشق) أي احتمال حقيقي لوجود دويلات انفصالية أو انقسامات أثنية أو طائفية، أو سوى ذلك، من الممكن أن تهدد (لو حصلت) أمن ووحدة السوريين، وتعيق إنجاز مؤتمر الحوار الوطني السوري، وتمنع التوافق على صياغات العقد الاجتماعي السوري الجامع الذي لايستثني أحدًا.

 

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *