العرب- فاروق يوسف يدافع حزب الله عن حقه في امتلاك سلاح غير شرعي باعتباره حركة مقاومة. سلاح حزب الله هو سلاح المقاومة. المقصود بالمقاومة هنا مقاومة العدو الصهيوني. لذلك فإن ما يهم حزب الله هو أن تشن إسرائيل عدوانا على لبنان بين حين وآخر ليعتبر الرد على ذلك العدوان مسوّغا لوجوده. هذا ما فعلته إسرائيل في مرات سابقة ولكنها لن تفعله هذه المرة حتى لو لجأ حزب الله إلى إطلاق صواريخه التي لا تضر بأحد كما كانت تفعل حركة حماس في الماضي. اليوم لا يملك حزب الله فرصة لتجديد الاعتراف به حركة مقاومة إلا إذا وقّعت إسرائيل تلك الوثيقة وهو ما يبدو عصيا على التحقق. تهديد حقيقي فالدولة العبرية ليست في حاجة اليوم إلى حرب. كل المعادلات الإقليمية تجري لصالحها. العرب يقتل بعضهم البعض الآخر. لم يعد الأمن القومي العربي قاسما مشتركا بين الجميع. عبر أربعة عقود من التمدد الإخواني صارت هناك حاضنة شعبية للجماعات الإرهابية. وهناك أيضا جماعات دينية من بينها حزب الله تتوجه إلى طهران باعتبارها قبلتها الجديدة. ما تعرفه إسرائيل عن العالم العربي يجعلها في غنى عن أن تشن حربا عليه. وهو ما يفقد حزب الله مسوّغ وجوده على مستوى لبناني وعربي. فالعالم العربي بضمنه لبنان لا يشكل تهديدا للدولة العبرية. لذلك صار حزب الله يجاهر باعتباره قوة إيرانية ضاربة. ما يُسمّى اليوم بتيار الممانعة وهو يضم حزب الله في لبنان وحزب الدعوة في العراق على سبيل المثال يخضع بطريقة امتثالية للأجندة الإيرانية التي تتناقض كليا مع سلامة العالم العربي وأمنه القومي. حزب الله لا يقاوم إسرائيل مجازا باعتباره حركة نضالية عربية بل هو جماعة مسلحة تتحكم بها إيران كليا وتحركها في سياق مشروعها الذي يهدف في الأساس إلى الهيمنة على العالم العربي. الدليل على ذلك أن حزب الله صار بمثابة مشكلة بالنسبة إلى الكويت والبحرين والسعودية واليمن والعراق بسبب تدخلاته من خلال عملائه في شؤون تلك الدول وليست له مشكلة واحدة مع إسرائيل. في حقيقته فإن حزب الله لم يعد سوى جزء من المشكلة الإيرانية في العالم العربي. لذلك فإن مقاومته هي تجسيد لوجود تلك المشكلة ولا يمكن إحالتها بأيّ شكل من الأشكال إلى الصراع العربي-الإسرائيلي. لندع الشعارات جانبا ولنذهب إلى الواقع مباشرة. ذلك الواقع يقول “حزب الله يهدد الأمن القومي العربي ولا يهدد أمن إسرائيل”. الأدهى من ذلك أن سلاح حزب الله صار يشكّل خطرا على حياة اللبنانيين. وهو أمر طبيعي. هناك كميات هائلة من السلاح النوعي مكدسة في مخازن طرف من أطراف الحكم يمكن أن تُستعمل بهدف إسكات الأطراف السياسية الأخرى واستضعافها ومن ثم التحكم بمصائر اللبنانيين، كل اللبنانيين من غير استثناء. وهو ما صار واقع حال بعد تجربة 2008 المأساوية. في مواجهة سلاح حزب الله انتهى اللبنانيون إلى خيارين لا ثالث لهما. إما أن يطالبوا بنزع ذلك السلاح أو أن تلجأ الأطراف كلها إلى التسلح دفاعا عن نفسها وهو ما يعيد لبنان إلى أجواء الحرب الأهلية القذرة. ومن الطبيعي أن يميل شعب يحبّ الحياة مثل الشعب اللبناني إلى ترجيح الخيار الأول. فلبنان من غير سلاح فالت هو بلد يستحق مكانته التي سبق لها أن جعلت منه بلد الحياد والحرية والانفتاح على العالم. ما أثبتته الوقائع أن بقاء سلاح حزب الله معناه انفتاح لبنان على إيران بمشاريعها التدميرية التي لا تحمل إلا أنباء الحرب والهلاك. وهو ما يضع لبنان وسواه من البلدان التي تصل إليها يد إيران في متاهة تكريس مجانيّ لفعل الموت الذي لا طائل منه. لذلك فإن مقاومة سلاح حزب الله من خلال الإصرار على المطالبة بنزعه هي المقاومة الحقيقية التي تعيد الأمور إلى نصابها بعد أن افتضحت كذبة مقاومة تلك الجماعة الإيرانية. *كاتب عراقي
الخميس, 21 نوفمبر 2024