الأحد, 8 سبتمبر 2024

محاصصة الأمن الميليشياوي في العراق

126 مشاهدة
منذ 6 سنوات
العرب - حامد الكيلاني الإرهاب في العراق حاوية بمغلفات كبيرة ومتوسطة وصغيرة لا يجمعها مصطلح واحد، ولا تتطابق مع الحرب العالمية على الإرهاب التي أريد لها أن تكون بتصميم متفق عليه نفسيا أحيانا، تحكمه رغبة في ما يتقاسمه المجتمع الدولي من خوف مشترك، أو لأعماقه المتوثبة لرد فعل كأثر تاريخي تم السيطرة عليه في حينها لقرون لكنه كالبراكين الخامدة وبفعل الجيولوجيا تزاح أقسى الكتل بالتدفق لتعلن عن ذاتها وتكوينها. السياسة الدولية في زمن الحرب الباردة كانت ساحة أو حلبة صراع استفزت المجتمعات الهشة، وأربكت العلاقات الواهنة بين دول متجاورة، وأطلقت سراح حقائق “ناضل” الكثير من قادة الدول الدكتاتورية كأفراد أو أحزاب أو كيانات لمنع وصولها إلى حدود الانتحار بالمجاهرة بما يعتمل من حرائق تحت غطاء السلطة، وإن بصناعة مؤسسات أمنية ينفق عليها ببذخ على حساب غياب العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة. الضمانات الإنسانية تحقق نسبة مقبولة من التعايش والنمو الاقتصادي والرفاهية، تنصرف معها الشعوب إلى تطوير تعليمها وصحتها، وتتأجل لديها الانتماءات الحادة والأيديولوجيات على تنوع مصادرها لأنها أطروحات تناقض واقعها وما نتج عن فترة الاستقرار. تأجيل الاختلافات لأكثر من نصف قرن خدمة تقدمها بعض الأنظمة الدكتاتورية عندما تتمكّن من إحداث التوازن في الأمن مع الرفاه الاقتصادي وتنشيط الطبقة الوسطى كعازل لنزعات الطبقات الأعلى أو الأدنى في محاولتها الانفلات نحو الفوضى. الفارق الزمني مهم جدا لتثبيت هوية المجتمع الجديد ورغبته في مواكبة تقدم المجتمعات الإنسانية، لذا فإن مرحلة ما بعد 50 سنة من الاستقرار تناقض ما بعد مرحلة 50 سنة من الفوضى، أما مرحلة ما بعد 50 سنة من كذبة الاستقرار بسبب القمع فقط واعتقال الحريات فإن النتائج تُقرأ بجحيم الأزمات المحلية في منطقتنا وتسري إلى اتهام المنظومة الدولية، أو بإصدار الأحكام العادلة عليها لتجاهلها تنفيذ التعهدات الكبرى في حفظ السلم العالمي واحترام مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان وعدم التمييز العنصري الذي توسع إلى ممارسات غير محددة بالتوصيف القديم، وصار لزاماً ملاحقة مستجداته لعدم إفلات مرتكبي صفقات تجارة المجازر والإبادات من العقاب وكذلك من العار. أكبر الجرائم يتم التستر عليها بنفاق قوة سلطة حاكم ما أو قوة غاشمة رغم مخالفتها الشرائع السماوية والوضعية. الحقيقة حالة تتبلور في مجتمعات تقرع جرس المخاطر وتنذر بالكوارث قبل وقوعها، لكن لا أحد من خارج محيطها يتحمل مسؤوليته الأخلاقية، ودائما تكون مؤشرات المنظمات الإنسانية أو التقارير الاستقصائية غير ملزمة أو مؤثرة لعدم امتلاكها قدرة التغيير والردع. الإرهاب انتهى إلى واقع زئبقي في التعريف أو الحرب عليه أو بما يقدّمه من فوائد لمن يتصدّى له، فبجرد بسيط لحسابات احتلال تنظيم الدولة الإسلامية للموصل الذي بدأ بتدمير المدينة وتشريد المواطنين وتحقيق الأمنيات المكبوتة لولي الفقه الإيراني وتثبيت الحشد الميليشياوي كقوة نظامية ومغادرة الجماهير للتظاهرات والمطالبة بالإصلاح، نستدل على دور تلك الحسابات في بورصة الانتخابات البرلمانية، وجدوى الإبقاء على جاذبية بقايا فلول الزئبق المتفرّق الذي يتجمّع تلقائيا حسب الطلب ليظهر هنا، ثم يباغت في مكان آخر. ماذا يعني تهديد الإرهاب لكركوك؟ مَن هؤلاء الذين في ظلام المدينة؟ أي لعبة سينجرّ إليها العراق وإقليم كردستان والقوات النظامية الميليشياوية والشرطة والبيشمركة تحت مانشيت تنظيم داعش؟ ماذا عن المدنيين والتعايش وعبارة “تحرير المدينة المحتلة” والصيد في تبادل الاتهامات السرية برفع سوط داعش؟ أيّ مرحلة مقبلة بعد الانتخابات غير التتمات لنظام المحاصصة الطائفية وإن بعناوين مختلفة لأفلام قديمة متهرئة المشاهد يتسيدها الدور الإيراني بإرهابه المقيم على أرض العراق، متخذا من زيادة عدد القوات المسلحة ذريعة لفصول مواجهات رهن إشارة المرشد علي خامنئي بمفارقة تواجد تنظيمات إرهابية أو تواجد قوات عسكرية أميركية ودائماً باستراتيجية تأمين الأمن القومي لولاية الفقيه. النظام الحاكم في العراق يفر من حقيقة تراجع مفاهيم الجيش الوطني وانحسار عقيدته المهنية بما يجرده من إمكانياته ويهيىء المناخات لولادة قوى مسلحة أخرى تلتقي معه في واجبات الميليشيات. الإرهاب السياسي مرجعية راسخة لمصنفات الإرهاب ترتبط بتخلف الإدارات الدولية والمحلية لاعتمادهما رؤية قاصرة لأفق الحياة البشرية. المشروع السياسي في العراق لم يخضع لسلطة الأفكار، إنما لسلطة الطائفة أو الحزب أو لتناحر المرجعيات الدينية، ويسري التأثير في ذلك على أي إنجاز ولو كان خدميا، فالمسافة بين قرار وزارة وقرار وزارة أخرى تقاس بما لا تختلف عن مقاسات المحاصصة الطائفية وسعيها لتسويق الصراع بارتداء الأغلبية بحلقات وطن مقطع الأوصال. مغلفات الإرهاب الصغيرة تستغل الإرهاق العام في فترة مظلمة فقد فيها العراقيون التركيز وضاعت منهم بوصلة خطوتهم الأولى على طريق استرجاع وانتزاع الثقة بغدهم. مغلف التشهير بالمدمرة مدنهم طرق باب الاستعانة بالأجنبي بعد مسلسل حواضن الإرهاب في محاولة لطرح حمولة المحاصصة الطائفية ومعاصيها بما يقترب من وعود التوبة كل 4 سنوات، أو نصب سيطرة وهمية وما أكثرها لتمر تلك الحمولة الفاسدة والمغشوشة إلى حيث يراد توصيلها لتكون الأدلة دامغة وجرمها مشهود لتبرير المكائد أو ربما لعقاب مضاف ومضاف بإصرار. في أعماق العراق ثورة تصحيح لأخطاء فادحة، لكنها تفتقد إلى التشخيص وتقع في خطيئة التجزئة وصناعة العدو المختلف، بينما أصلهم في تجميع الطاقة كالبراكين المعتقة بصمت الأرض. الإرهاب طائفي وسياسي وانتخابي وميليشياوي وصحي وتعليمي. إرهاب يدركه البغادة بمحاصصة توزيع الأمن على محلاتهم السكنية في مضاربات نفوذ الميليشيات تحت شعار حماية الممتلكات والأرواح من الآخر، إلا من نفسي على طريقة الحرافيش في حارة الحضارات الإنسانية.  

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *