الأحد, 8 سبتمبر 2024

فاروق يوسف يكتب: مَن يحاكم المالكي؟

223 مشاهدة
منذ 7 سنوات
من المستبعد أن يُقدم نوري المالكي إلى القضاء بتهمة التخلي عن مدينة الموصل لداعش وقد كان قائدا عاما للقوات المسلحة العراقية يوم سقطت المدينة. الامر لا يتعلق بضعف الحكومة العراقية الحالية بل بالتركيبة الطائفية التي يتألف منها النظام وهي تركيبة لا تسمح بتقديم سياسيي الأحزاب المشاركة في الحكم إلى القضاء بغض النظر عن فسادهم ولصوصيتهم وسوء تصرفهم بالمال العام. وإذا ما عرفنا أن المالكي هو رئيس الحزب الحاكم منذ أكثر من عشر سنوات في العراق فإنه سيظل طليقا مهما كانت التهم الموجهة إليه كبيرة ومهما بلغت خطورتها. أما حين احتمى بالحشد الشعبي فإنه اكتسب حصانة يمكنه ان يستعلي من خلالها لا على الحكومة حسب بل وأيضا على الطائفة. الرجل الذي نجح في اختراع وإدارة واحدة من أكبر مكائن الفساد في التاريخ البشري استطاع بدهاء أن يغري إيران بالانحياز إليه وشموله بحمايتها المطلقة. بالتأكيد لم تكن إيران لتقدم على ذلك إلا لأسباب ليس من بينها تقديرها لنزعة الرجل الطائفية التي أذل من خلالها جزءا عزيزا من شعب العراق. كل سياسيي العراق الموالين لإيران هم طائفيون، قد ينافس بعضهم المالكي في نزعته الطائفية المريضة أو يتفوق عليه. لقد أتيحت للمالكي طوال فترة حكمه التي امتدت ثمان سنوات فرصة أن يضع يده على ما يقارب الترليون دولار، هي عائدات العراق من بيع النفط. هناك مئات المليارات من ذلك الترليون لا تزال مفقودة ويظهر الكثير من أهل الحكم عدم فهمهم لسؤال من نوع "إين ذهبت تلك الأموال الهائلة؟" ليس من الصعب التكهن بما فعله المالكي. ما يتردد السياسيون العراقيون في التصريح به ستكشف عنه الوثائق في المستقبل، لكن بعد فوات الأوان. فالمالكي وهو رجل غير محبوب من قبل الصف الأول من المتعاملين الشيعة مع المحتل كان يعرف أن ترشيحه لرئاسة الوزراء قد حدث بالصدفة فكانت فرصته الحقيقة تكمن في شراء الموقف الإيراني من أجل أن يكون أقوى من خصومه الشيعة. بالنسبة لإيران كان المالكي فرصتها للاستيلاء على خزائن العراق في وقت كانت فيه الخزانة الإيرانية خاوية بسبب الحصار الغربي. لم يكن المالكي رجل إيران في العراق بل ممولها الذي عرف كيف يخضع خصومه الشيعة عن طريق الدولة التي يدين الجميع بالولاء إليها. ما فعله المالكي قد لا يجرؤ أي مسؤول مهما كان حجم ولائه لإيران على القيام به من أجلها. وهو ما جعله مطمئنا إلى مصيره وهو ينسق معها في شأن مصير الموصل، المدينة العراقية التي تكرهها. حين تخلى جيشه عن الموصل تاركاً أسلحته لداعش لم يساور المالكي أي نوع من القلق. كانت الأوامر الإيرانية واضحة "لتذهب الموصل إلى الجحيم" وهو قرار لم يكن في إمكان أحد أن ينفذه سوى المالكي الذي ضحى بثروة العراقيين من أجل أن يضمن بقاءه في الحكم. وكما أتوقع فإن تسليم الموصل لمصيرها الكئيب كان الهدية التي تقدم بها المالكي إلى إيران من أجل أن يضمن بقاءه في ولاية ثالثة. غير أن دخول الولايات المتحدة على الخط بسبب تداعيات الكارثة التي ضربت الموصل دفع إيران إلى التراجع عن مخططها قليلا من غير أن تتخلى عن حماية حامل أسرارها في العراق. كان الخوف من تقديم المالكي إلى القضاء قد دفع إيران إلى أن تعقد صفقة مع الولايات المتحدة تسلم من خلالها حيدر العبادي وهو أحد أتباع المالكي رئاسة السلطة التنفيذية. عن طريق تلك الصفقة ضمنت إيران أن ما فعله المالكي من أجلها سيظل طي النسيان. غير أن المسألة السنية في العراق وقد اكتسبت طابعا كارثيا بسبب ما حل بالموصل ستكون بمثابة العار الذي سيلاحق العراقيين عبر الزمن وهو عار لن يتمكنوا من إزالته إلا حين يُقدم نوري المالكي إلى قضاء عادل. يومها سيعرف العراقيون أين ذهبت ثرواتهم ومن هدر دماء الملايين منهم ومن وضعهم بين فكي داعش والحشد الشعبي ومن ساقهم عبيداً اذلاء لإيران تحت شعارات طائفية مشبوهة. ميدل ايست أونلاين

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *