>> باحث في الشأن الإيراني: التاريخ الحديث يسجل التدخلات الإيرانية في البحرين لأكثر من 50 سنة
>> «جمعية الوفاق» البحرينية تستخدم المساجد و«الحسينيات» والمنابر الدينية لـ«شحن الشيعة» في البلاد سياسيا
>> إحباط محاولة انقلاب مسلح في البحرين عام 1981 خططت له «الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين» المدعومة من إيران
>> القيادي الشيعي كاظم الجمري: الشعب البحريني الشيعي مستعد للتضحية «تحت أوامر» المرشد الأعلى علي خامنئي!
خاص – قناة المحمّرة| شريف عبد الحميد: هذه هي الحلقة الثالثة من الملف الكاشف «الطابور الإيراني الخامس» في الوطن العربي، والذي بدأناه بعملاء طهران في مصر، ثم الكويت، تليها هذه الحلقة عن عملاء إيران في البحرين، كجزء من المخططات الإيرانية التي تستهدف بلدان الخليج خاصة، والدول العربية عامة. لم يكن التدخل الإيراني في شؤون البحرين وليد اللحظة، فمن المعلوم للكافة أن التدخلات الإيرانية في الشأن البحريني سياسة قديمة تمتد لأكثر من 150 عاما، حيث اتسمت العلاقات البحرينية- الإيرانية بالتوتر والجمود على مدار التاريخ المعاصر، ففي عام 1927 أثارت إيران موضوع «تبعية البحرين» لها في «عصبة الأمم» آنذاك. وفي 21 سبتمبر 1945، أبرزت صحيفة «نيروز إيران" الحديث الذي أدلى به وزير الخارجية الإيراني آنذاك، والذي طالب فيه الولايات المتحدة بالتريث في استخراج النفط من الحقول البحرينية "نظرا للحقوق الإيرانية في البحرين". وفي عام 1958، رفضت إيران اتفاقية التعاون الاقتصادي الموقعة بين المملكة العربية السعودية والبحرين، وفي هذا الاتجاه اعتبرت إيران المشروع السعودي بإقامة جسر يربط بين المملكة والبحرين بمنزلة إجراء تتخذه السعودية لإحباط أي محاولة تقوم بها إيران لضم البحرين. وفى 1970، وبينما كانت بريطانيا في سبيلها لإنهاء احتلال البلاد، طالب شاه إيران بـ«ضم البحرين» إلى بلاده، اعتمادا على أن طهران كانت تحتلها فعليا حتى القرن السادس عشر الميلادي. اقرأ أيضاً:
طابور إيران الخامس|«آيات الله» الصغار في مصر (1)
إذكاء الكراهية الطائفية أولى نظام الملالي الحاكم في إيران منذ اندلاع ما يُسمى «الثورة الإسلامية» عام 1979 أهمية خاصة للبحرين، حيث ظهرت أطماع طهران التوسعية في هذا البلد الخليجي لسبب أساسي، وهو أن أغلبية الشعب البحريني تتشكل من الشيعة، بينما الحكومة في أيدي السنة. ولم يراع النظام الإيراني النهج المتسامح الذي تقوم عليه مملكة البحرين، والذي يرتكز على السلم الاجتماعي واحترام المواثيق الدولية وعلاقات حسن الجوار، بل عمل هذا النظام من خلال دعم التنظيمات الإرهابية إلى إلحاق أضرار اقتصادية بالبحرين. وتم استهداف أكثر من 200 مؤسسة تعليمية ومنشآت حيوية، كمحطات الكهرباء وأبراج الاتصالات والحدائق العامة والبنوك التجارية، وقطع الطرق على الشوارع التجارية. كما عمدت طهران إلى زرع الكراهية على أساس طائفي مقيت، من خلال عملائها وخلاياها الإرهابية وقنواتها الفضائية التي استهدفت البحرين بشكل ممنهج. وفي عام 1981، تم إحباط محاولة انقلاب مسلح في البحرين خططت له «الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين» التي كانت مدعومة لوجستيا من إيران. وتكرر الأمر نفسه في عام 1996، حين أعلنت السلطات البحرينية الكشف عن تنظيم سري باسم «حزب الله» تآمر لقلب نظام الحكم، وقد تلقى المتورطون في هذا العمل تدريبات في طهران. كما شهدت البحرين خلال عام 2011 وما بعده احتجاجات ومسيرات شيعية واسعة النطاق، تشكل حلقة فيما بات يُعرف بـ«ثورات الربيع العربي». وقاد هذه الاحتجاجات عملاء إيران بشكل أساسي، وتصدت لها الحكومة بمساندة من قوات «درع الجزيرة»، ولكن من حين لآخر تبدو شرارات من تحت الرماد، تستغلها طهران لإحداث القلاقل في البحرين. وتجلى التدخل الإيراني في البحرين من خلال تصريحات المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي، الذي تحدث في خطبة عامة سنة 2015، عن "عدم تخلي إيران عن دعمها للشعوب المظلومة، ومن ضمنها شعب البحرين"، وهو ما دفع الخارجية البحرينية إلى استدعاء السفير الإيراني للاحتجاج رسميا على هذه التصريحات الخطيرة. وفي نوفمبر 2015، اعتقلت وزارة الداخلية البحرينية 47 عضوا في خلية قالت إنها «مرتبطة بعناصر إرهابية في إيران»، و«تخطط لشن هجمات» داخل البحرين. وبعدها بأيام، أسقطت البحرين الجنسية عن 5 مواطنين «أدينوا بالتآمر مع إيران» لتنفيذ هجمات داخل المملكة، كما حكمت عليهم بالسجن المؤبد. لعملاء طهران في البحرين نشاط سياسي واجتماعي واسع النطاق، حيث تستمد «جمعية الوفاق» الشيعية البحرينية وفرعها «ائتلاف ثوار 14 فبراير» منذ تأسيسهما عام 2002 وحتى الآن، شرعيتهما الدينية والسياسية من مفهوم «ولاية الفقيه» الإيراني، حيث استخدمت الجمعية والائتلاف المساجد و«الحسينيات» والمنابر الدينية لشحن الشيعة في البلاد، تبعا للمصالح الفئوية والطائفية، بهدف المساومة على السلطة البحرينية، ودفعها إلى اعتماد نظام «المحاصصة» في حكم البلاد. وصرح صادق كاظم الجمري، أحد قياديي «ائتلاف ثوار 14 فبراير»، لوكالة أبناء «فارس» الايرانية قائلا: "إن الشعب البحريني الشيعي مستعد للتضحية تحت أوامر قائد الثورة الاسلامية آية الله السّيد علي خامنئي". ويقود ما يسمى «ثورة البحرين» منذ 2011 حتى الآن القيادي الشيعي عيسى قاسم، وهو وكيل المرجع الإيراني في البحرين وأعلى رأس يمثل مرجعية «الولي الفقيه» في البحرين. وخلال إحدى خطب الجمعة، قال حيدر الستري، النائب في البرلمان البحريني عن «جمعية الوفاق»: "لقد رأينا في عصرنا كيف حققت الجمهورية الإسلامية في إيران المعجزات، وانتصرت على دول العالم الكبرى مجتمعة، كما انتصرت إبان نشأتها في الحرب التي أشعلها النظام البعثي البائد في العراق ضدها، بفضل مخزون القوة الذي تمتلكه قيادة الولي الفقيه، والتفاف المؤمنين حولها". اقرأ أيضاً:
طابور إيران الخامس| «أفكار شيطانية» ومتفجرات في الكويت (2)
وفي مارس الماضي، أعربت مملكة البحرين عن ترحيبها بإدراج السلطات الأمريكية لبعض الأشخاص ممن ينتمون لما يسمى بـ«سرايا الأشتر» الإرهابية الموالية لإيران على قائمة الإرهاب الدولية. وقالت الخارجية البحرينية إن "وضع وزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، لبعض الإرهابيين الموالين لإيران على قائمة الإرهاب يعكس إصرار الولايات المتحدة على التصدي لكافة أشكال الإرهاب، ولكل من يقوم بدعمه أو التحريض عليه أو التعاطف معه." وتعليقا على ذلك، قال الدكتور عبد الله المقابي، الباحث في الشأن الإيراني، إن "التدخلات الإيرانية في الشأن البحريني والخليجي تمتد بجذورها إلى أكثر من 150 سنة، إذ لا تخلو حقبة زمنية من هذه التدخلات البغيضة، وقد سجل التاريخ الحديث التدخلات الإيرانية في البحرين لأكثر من 50 عاما مضت، حيث طالبت إيران بضم البحرين نفسها". من جهة أخرى، وثقّ «مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية» المواقف العدائية لإيران تجاه البحرين، في دراسة بعنوان «التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية البحرينية». ونشر المركز كشفا بأسماء أكثر من 160 موقفا عدائيا لمسؤولين إيرانيين، بدءا من المرشد الأعلى، وانتهاء بمسؤولين في وزارة الخارجية الإيرانية، ومسؤولين آخرين أعضاء في لجان في مجلس الشورى الإيراني، إضافة إلى عدة تصريحات ومواقف متفرقة أخرى توزعت بين عدد من مسؤولي الصف الثاني. وأظهرت الدراسة التي أعدها الدكتور عمر الحسن، رئيس المركز، أن افتتاحيات الصحف والمقالات السلبية الإيرانية ضد البحرين جاءت في الترتيب الثاني، بعد تصريحات القادة وكبار المسؤولين الإيرانيين المشار إليها سلفا، وذلك بعدد 26 مادة صحافية، مشيرة إلى أن هناك "رؤية مشتركة لإيران وحلفائها في إطار لعبة توزيع الأدوار التي تبنتها أجهزة النظام الإيراني تجاه أمن مملكة البحرين ومصالحها القومية".