الأحد, 8 سبتمبر 2024

طابور إيران الخامس| كيف يحكم عملاء إيران العراق؟ (5)

3188 مشاهدة
منذ 6 سنوات

>> وثيقة لموقع «ويكيليكس»: مؤسسة «محمد باقر الحكيم» الشيعية تهرّب 15 مليون دولار شهريا إلى سفير طهران في العراق

>> «الجار الله»: النظام الإيراني يدير قواعد اللعبة العراقية بحرفية تنبئ بهيمنة كاملة على مقدرات الأمور في بغداد

>> دراسة أمريكية: الإيرانيون أرسلوا 2000 طالب دين إلى «النجف وكربلاء» للدراسة.. ثلثهم على الأقل من عملاء المخابرات

خاص – قناة المحمّرة| شريف عبد الحميد: هذه هي الحلقة الخامسة من الملف الكاشف «طابور إيران الخامس» في الوطن العربي، والذي بدأناه بعملاء طهران في مصر، ثم الكويت والبحرين والسعودية، تليها هذه الحلقة عن عملاء إيران في العراق، كجزء من المخططات الإيرانية التي تستهدف بلدان الخليج خاصة، والدول العربية عامة: اقرأ أيضاً:

طابور إيران الخامس|«آيات الله» الصغار في مصر (1)

من المعلوم أن التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي عبر مؤسساتها وعملائها ليست وليد اللحظة، إذ يقول الباحث الأمريكي مايكل آيزنشتات، مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن، إن للعراق منذ أقدم العصور أهمية خاصة بالنسبة لإيران، وتحديدا منذ أن جعلت السلالة الصفوية «الشيعة» المذهب الرسمي للدولة في القرن السادس عشر، فالتشيع وُلد في العراق. كما أن المدن الشيعية مثل «النجف وكربلاء» هي مراكز شيعية تقليدية للتعلم ووجهة للحجاج الدينيين، وعلى مدار عدة قرون، كان الحضور الفارسي في المدينتين المقدستين قوياً جداً، ونتيجة لذلك، تعتبر إيران جنوب العراق جزءاً من مجال نفوذها التاريخي. ويضيف «آيزنشتات» أنه منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، حاولت إيران التأثير على السياسة العراقية من خلال العمل مع الأحزاب الشيعية لإنشاء «دولة فيدرالية» ضعيفة يهيمن عليها الشيعة، وتكون أكثر انصياعاً للنفوذ الإيراني. وقد قامت استراتيجية طهران على توحيد الأحزاب الشيعية في العراق لكي تتمكن من ترجمة أهميتها الديموغرافية إلى نفوذ سياسي، وبالتالي تعزيز السيادة الشيعية في بغداد. اقرأ أيضاً:

طابور إيران الخامس| «أفكار شيطانية» ومتفجرات في الكويت (2)

ووفق الباحث الأمريكي، فقد شجعت طهران أقرب حلفائها، أي فيلق «فيلق بدر» و«المجلس الأعلى الإسلامي في العراق» و«حزب الدعوة الإسلامية» و«التيار الصدري»، على المشاركة في الحياة السياسية والمساعدة في تشكيل المؤسسات الناشئة في العراق. وقد دعمت طهران مجموعة من الأحزاب والحركات المختلفة لتوسيع خياراتها وضمان تقدم مصالحها، ولو على حساب المصلحة الوطنية العراقية. وتنافست إيران أيضاً على «القلوب والعقول» العراقية بإطلاق «قناة العالم» عشية الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ومن خلال بث الأخبار والبرامج الترفيهية باللغة العربية في العراق والعالم العربي عبر شبكة «قناة العالم»، حيث عكست برامج هذه القناة ما تريد طهران أن تروجه عن الأخبار المتعلقة بالمنطقة برمتها. قتل العراقيين دون محاسبة كشف عميل سري سابق في «الحرس الثوري الإيراني» لموقع «ويكيليكس» عن معلومات خطية ووثائق تربط «قوات القدس" التابعة للحرس الثوري بالأعمال الإرهابية والتخريبية في العراق، مؤكد أن شخصيات ومؤسسات عراقية وإيرانية متورّطة في تهريب الأسلحة وتمويل جماعات شيعية متطرفة في سبيل تحقيق أهداف ميدانية في العراق. وفي مذكّرة سرية تحمل الرقم 07LONDON4680 صادرة عن السفارة الأمريكية في لندن، في 28 ديسمبر 2007، جاء أن "اجتماعا خاصا عُقد بين المستشار السياسي في السفارة وعميل سري سابق في الحرس الثوري الإيراني"، مشيرة إلى أن الأخير عمل خلال فترة السبعينيات والثمانينيات في لبنان وإيران كمدرّب لمقاتلي وعملاء «حزب الله» على عمليات «مختلفة ومتفاوتة». اقرأ أيضاً:

طابور إيران الخامس|مؤامرات عمرها 150 عاما في البحرين (3)

وأكد العميل أن مؤسسة «محمد باقر الحكيم» الشيعية تهرّب ما يصل إلى 15 مليون دولار شهريا إلى السفير الإيراني في العراق وعدد من مستشاري الجمهورية الإيرانية، كاشفا عن أن أفرادا من «قوات القدس» يُنقلون بين إيران والعراق عبر شركات نقل جماعي منها «الكوثر والنور ودار القرآن»، وهي شركات خاضعة لسلطة عمار الحكيم نجل عبد العزيز الحكيم. وأوضح العميل الإيراني في المذكرة السرية أن هؤلاء الأفراد يسافرون ويعملون بموجب هويات مزوّرة كمهندسين وأطباء وغيرها من المهن، مشيرا إلى أن "مستوى النفوذ ذاته والتحكّم يمارس من قبل أعضاء من "قوات القدس والحرس الثوري الإيراني" في عدد من وسائل الإعلام العراقية الرئيسية وأشهرها قناة «العراقية». وعلى نحو مماثل، فإنّ الكثير من الشركات الأمنية التابعة لقوات القدس، مسجّلة لدى وزارة الداخلية العراقية وتملك الأسلحة في صورة شرعية، وهي، حسب العميل، تقتل العراقيين من دون محاسبة. من جهة أخرى، يقول الكاتب أحمد الجار الله، رئيس تحرير صحيفة «السياسة الكويتية» إنه بعد انهيار الدولة العراقية ودخول جميع مؤسسات السلطة في حالة الشلل السريري، ظهرت هجمة إيرانية موسعة في العمق العراقي، تتمثل في إنزال العصابات والميليشيات الطائفية الأشد ارتباطا بالنظام الإيراني ومؤسساته الأمنية، وأهمها ميليشيا «سرايا الخراساني» التي يقودها المدعو علي الياسري، والتي تعتبر النظام الإيراني المرشد والمنقذ والدليل ، وإن الولاء له بمثابة فرض ديني! ويضيف «الجار الله» أن "النظام الإيراني يدير قواعد وأسس اللعبة الداخلية العراقية بحرفية ومقدرة تنبئ بهيمنة شبه كاملة على مقدرات الأمور في العراق"، لافتا إلى أن "الصدام بين عملاء إيران في العراق محتدم بدرجة خطيرة وينبئ بنقله للشارع لا محالة، وحدوث دورة جديدة من دورات العنف في الشارع العراقي الهائج أصلا، والذي ستتطور الأمور فيه بشكل حتمي إلى صدامات دموية مروعة، فالكل  بات يعلم أن عملاء إيران في العراق ليسوا سوى شواهد زور في زمن الخيبة والتردي والهزيمة". اقرأ أيضاً:

طابور إيران الخامس| عملاء وإرهابيون وخونة في السعودية (4)

وفي إطار العمليات الإرهابية التي يقوم بها عملاء إيران داخل الأراضي العراقية، أظهر مخطط اغتيال السفير السعودي لدى العراق ثامر السبهان في أغسطس 2016، من قبل مجاميع تتبع لميليشيات «الحشد الشعبي» العراقية، مدى عمق تبعية هذه الميليشيات الطائفية لنظام الملالي الحاكم في إيران، خاصة بعد اعتراف أحد أعضاء مجموعة تابعة لما يسمى «كتائب خراسان»، الذي أقر بأن مخطط الاغتيال تم تدبيره من قبل ضابط كبير في المخابرات الإيرانية ورصدت المخابرات العراقية اتصالات هاتفية بين عناصر هذه الميليشيات التابعة لإيران وأفراد يعملون في مطار بغداد الدولي ينتمون لـ«كتائب خراسان»، تتعلق هذه الاتصالات بمعلومات عن حركة وسفر «السبهان» من بغداد وإليها. وقد اعترف أحد أفراد المجموعة التابعة لـ«الكتائب» نفسها، والمكلفة بتنفيذ العملية والمكونة من 8 أفراد، بأن ضابطا إيرانيا هو من وضع خطة الاغتيال، وأشرف على تنفيذ الخطة التي لم تتحقق بسبب وصول معلومات غير واضحة من مطار بغداد الدولي، ونظرا للتشديدات الأمنية حول السفير السعودي. تحركات إيرانية مشبوهة لعبت إيران دوراً في عملية تشكيل الحكومة عقب الانتخابات عام 2014، فقد تم استبدال مرشحها المفضل لرئاسة الوزراء، نوري المالكي، بحيدر العبادي بناءً على طلب من الولايات المتحدة، والأهم من ذلك، علي السيستاني. وبعد ذلك لعب الأدميرال علي شمخاني، أمين عام «مجلس الأمن القومي" الإيراني، دوراً رئيسياً في عملية تشكيل الحكومة (كبديل لسليماني الذي أصبح غير ملائم لهذه المهمة بسبب دعمه المتواصل لولاية ثالثة للمالكي. وكشفت دراسة أصدرتها مؤسسة «جيمس تاون فاونديشن» الأمريكية عن تحركات إيران داخل العراق، عن أن الإيرانيين أرسلوا خلال العامين المنصرمين نحو 2000 طالب دين إلى «النجف وكربلاء» للدراسة إلا أن ثلثهم على الأقل كانوا من عملاء المخابرات، ويقوم هؤلاء بدعم الميليشيات الشيعية وبتنظيم أعداد من العراقيين في خلايا سرية. وأشارت الدراسة أيضا إلى قيام المخابرات الإيرانية باغتيال أعداد كبيرة من الأساتذة الجامعيين والعلماء والأطباء العراقيين، بالإضافة إلى الضباط، ولاسيما الطيارين. وذكرت أن عدد الطيارين وكبار الضباط السابقين الذين اغتالتهم المخابرات الإيرانية منذ الغزو الأمريكي بلغ 90 ضابطاً وطياراً. ومن ذلك مثلا ما ذكرته الدراسة عن اغتيال المخابرات الإيرانية لضابط شيعي يدعى «العقيد غازي» كان يعمل في إدارة الهجرة والجنسية العراقية عام 2004، لأنه رفض الموافقة على منح الجنسية لإيرانيين ادعوا أنهم عراقيون عائدون من إيران. ووجهت الميليشيات تحذيرات إلى «العقيد غازي» لوقف معارضته منح أوراق هوية عراقية لغير العراقيين، ثم انتهى الأمر باغتياله. ونوّهت الدراسة إلى أن عناصر من المخابرات الإيرانية اشترت مساحات شاسعة من الأراضي، ولاسيما في جنوب العراق، فضلا عن 5 آلاف شقة ومنزل ومحل تجاري في «بغداد والبصرة والنجف وكربلاء»، وأن هذه الأماكن تستخدم كمواقع للإيرانيين العاملين في العراق من أفراد المخابرات و«الحرس الثوري» والميليشيات التي تعمل معهم.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *