الأحد, 1 ديسمبر 2024

طوفان الأقصى.. أسئلة حيرت العالم؟؟

752 مشاهدة
منذ سنة

طوفان الأقصى .. أسئلة حيرت العالم ؟؟


   كتب :د. معتز زين                                                                                          
لا أدري كيف سينتهي العدوان على غزة .. الاحتمالات مفتوحة .. وقد تكون مؤلمة لنا كعرب ومسلمين .. لكن الأكيد بالنسبة لي أن ما قبل طوفان الأقصى ليس كما بعده .. وأن الآثار بعيدة المدى التي أفرزتها عملية طوفان الأقصى على الكيان الصهيوني وداعميه أعمق منها على غزة وحماس والوجود الفلسطيني ..
ما حصل يوم 7 أكتوبر كان قريبا من الاعجاز في ميزان السياسة والحرب وبالنظر إلى التباين الشديد في ميزان القوى وفي امتلاك أدوات السيطرة وفي حرية الحركة والمناورة وفي العلاقات السياسية والدولية وفي توافر الداعمين .... الخ .. لو أمسك محلل سياسي أو خبير عسكري بالورقة والقلم وحاول أن يفهم عبر الأرقام والمعادلات والإمكانات ما حصل يوم طوفان الأقصى لعجز وأصابه صداع شديد وخانته قواه العقلية عن فهم ما حصل .. 
أن يتمكن بضع مئات من الشباب المؤمن ( نعم المؤمن وهذه كلمة قد لا يفهمها أو لا يريد أن الغرب والعلمانيون والمنبطحون والمهزومون)  خلال نصف ساعة من اختراق الحواجز والدفاعات والقبب والرادارات وكل الوسائل الأحدث في العالم ويستعيد عدد من المستعمرات ( المستوطنات ) ويقتل عدد كبير من الجنود الصهاينة ويأسر عدد آخر ويفر البقية كالجرذان أمام المجاهدين تاركين أسلحتهم الحديثة ودباباتهم الفتاكة وراءهم فهذا أمر جلل ..
ما حصل خلال نصف ساعة أذهل العالم بأسره ، وأبسط دليل وأوضح دليل على مدى الذهول والصدمة الذي أحدثه طوفان الأقصى في العالم هو التحرك السريع  للعالم الغربي وأعداء العرب والإسلام من أجل دعم الصهاينة بمواقفهم وأموالهم وبارجاتهم وأساطيلهم في مشهد يدعو للسخرية والفخر في آن واحد .. فمن يتصور أن يتحرك ساسة وجيوش أقوى دول العالم وأهم وسائل الاعلام العالمية من أجل منطقة مساحتها 365 كم مربع لا تتعدى على الخريطة نقطة صغيرة تحتاج إلى تكبير الصورة لرؤيتها تخضع لحصار جوي وبري وبحري ومالي وتجاري وسياسي وعسكري وانساني وثقافي واعلامي من كل الجهات ومن كل الأطراف ، القريب منها والبعيد ، الصديق منها والعدو ، ومن أجل بضعة آلاف من المقاتلين لا يمتلكون الحد الأدنى من الأدوات اللازمة لتطوير أسلحتهم أو تحقيق خططهم وهم فوق ذلك يعيلون أسرا تفتقر إلى كل متطلبات الحياة بسبب الحصار .. ما الذي يحصل ؟؟ من يستطيع أن يفسر ؟؟ من يمكنه أن يفهم بالمنطق ما حدث ؟؟ كيف استطاع هؤلاء احداث هزة سياسية وعسكرية وإعلامية على مستوى الكرة الأرضية دون إمكانات مادية حقيقية ؟؟؟؟؟؟ ..
للمرة الأولى منذ عقود يشعر العدو الصهيوني بتهديد وجودي حقيقي .. للمرة الأولى يتم السيطرة على مستعمرات تقع تحت سيطرة حكومة العدو وتكون المعركة في " أرضه " و بين جمهوره .. للمرة الأولى يتبين للصهاينة بالصوت والصورة مدى هشاشة العقيدة القتالية لدى جنودهم .. للمرة الأولى يتم قتل وأسر هذا العدد من الصهاينة خلال فترة وجيزة وبإمكانات بدائية .. للمرة الاولى منذ عقود يشعر العربي والمسلم أنهم قادرون على اختراق هذا الكيان وتفكيكه واسقاطه رغم تخاذل ساستهم وقادة بلادهم  .. 
لقد كشفت هذه المعركة الخاطفة مجموعة من الحقائق لمن تعامى عتها سابقا رغم كثرة الدلالات عليها ، أهمها : 
1 – أن الكيان الصهيوني هو صنيعة الغرب في الشرق الأوسط زرعه في فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية كقاعدة متقدمة ورأس حربة لمشروعه الاستعماري من أجل ضمان حالة عدم الاستقرار في المنطقة وتغذية النزاعات بين الدول  المجاورة وضرب أي حالة تقدمية أو إسلامية سياسية أو عسكرية أو اقتصادية ربما تشكل نواة للتطور أو الوحدة بين مكونات المنطقة ..
2 – قامت عملية طوفان الأقصى بتعرية الغرب ( العاري أصلا ) عبر اسقاط جميع شعاراته بالعدالة والمساواة واحترام القانون الدولي ومعاهدة جنيف حقوق الطفل والمرأة و ........... الخ والتي داس عليها جميعا الاعلام الغربي والسياسيون الغربيون دون أن تتحرك فيهم ذرة ضمير مؤكدين حقيقتهم بأنهم قادة بلا أخلاق ولا قيم ولا مبادئ وأن دينهم الوحيد مصلحتهم ..
3 – أن العرب والمسلمين ليسوا عالة على الحضارة ، وليسوا مثالا للفشل والكسل والعجز كما يحاول الغرب وأدواته دائما تصويرهم كنوع من الحرب النفسية ، وأنهم قادرون على تجاوز الظروف الصعبة وتحقيق الإنجازات التي قد تبدو مستحيلة .. نحن أمة تمتلك مخزونا من الطاقة والقدرة والايمان تجعلنا نتفوق على الغرب المتغطرس عندما تكون الفرص متساوية وعادلة ، وعندما يتاح لنا اختيار قادة لبلادنا يسعون فعلا لتحقيق طموحات شعوبهم وتطوير بلادهم ( من أجل ذلك يحرص الغرب على منع ذلك وإجهاض أي محاولة جدية لوصول أو استقرار حاكم عادل مستقل لسدة الحكم في دولنا حتى لو عبر صناديق الانتخاب النزيهة ) .
4 – أن رفع الظلم وتطبيق العدالة هو المحرك الأهم لطاقات شباب الأمة والعامل الحاسم في نهضتها وانبعاثها وتقدمها وتجاوز أزماتها على كل الأصعدة ، وهذا يفسر حصار الغرب وأدواته لكل الحركات والرموز وحتى الشخصيات الإسلامية الفاعلة عبر التضييق والاعتقال والقتل والتفكيك والوصم بالإرهاب   ، وهذا يقتضي في الوقت نفسه يقظة شباب الامة ومثقفيها إلى ضرورة تفعيل وتنشيط دور العقيدة كمحرك وباعث لطاقات الأمة من جديد رغم تكاثر الأعداء في الداخل والخارج ، فنحن أمة أعزها الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أزلنا الله .
ربما تنتهي هذه المعركة بكارثة إنسانية ( قتل وتدمير وتهجير وتجويع وضرب البنى التحتية لغزة ) وهذا ليس غريبا عن الصهاينة والغرب الذي يدعمهم .. هذه سياستهم منذ الحروب الصليبية وحتى اليوم وإن غيروا الأقنعة حسب الظروف ، وربما تنتهي بإنهاء الجناح العسكري لحركة حماس وإن كان هذا مستبعدا ، وهذا مؤلم لنا إلى حد قد لا تحتمله قلوبنا خاصة بوجود العجز من قبلنا كشعوب والتخاذل من السياسيين وأصحاب القرار .. ولكن ورغم ذلك فإن لهذه المعركة أثر على المدى الاستراتيجي قد يشكل نقطة البداية الحقيقية لتطهير المنطقة من رجس الصهاينة أو على الأقل لتبديل قواعد اللعبة السياسية والعسكرية في المنطقة .. ما بعد طوفان الأقصى ليس كما قبله .. هذا أمر لا شك فيه ..
بقي أن أجيبكم عن التساؤلات المطروحة أعلاه والتي جعلت الكثير من المحللين في الغرب والشرق يفقدون صوابهم إلى الحد الذي دفعهم للتفكير بوجود تواطؤ صهيوني لمصلحة المقاومة أو حتى مسرحية بمشاركة المقاومة من اجل تنفيذ سيناريو التهجير والتدمير لغزة .. الجواب يا سادة لا يخضع لمعاييركم ولا لقواعدكم في التحليل ولا يمكن للذكاء الصناعي خاصتكم أن يدركه أو يستوعبه .. الجواب يكمن في مدى تأثير الايمان وآيات القران الكريم على حركة وسلوك وشجاعة واقدام ويقين المجاهدين بنصر الله تعالى مهما طال الزمن .. الجواب في كتاب الله وسأعرض لكم عينات من الآيات التي تفسر ما حصل ولكم أن تبحثوا عن الكثير غيرها في القرآن المعجزة الذي سيبقى شوكة في حلوق الظالمين والمستبدين ومنارة لقلوب وعقول الحائرين التائهين الباحثين عن الانسان في داخلهم ومجتمعاتهم ..
قال تعالى : ( ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون * ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون )  آل عمران .
ويقول جل في علاه : ( ولا تهنوا في ابتغاء القوم ، إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما ) النساء .
وقال عز وجل : ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين ) آل عمران .
ويقول سبحانه : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) التوبة .
هل وصلتم إلى جواب مقنع لتلك الأسئلة التي حيرت عقولكم ؟؟!! 
لولا خشية الاطالة لعرضت لكم عشرات الآيات التي تقدم جوابا لأسئلتكم ...

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *