في ظاهره صداقة بين دول، في إطار النظام العالمي الحديث، الذي يقوم على العلاقات الدبلوماسية، وفي باطنه دولة تتوسع على حساب دول، وبكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، ذاك حال إيران في القارة الإفريقية.
تاريخيا، بدأ الاهتمام الفارسي بالقارة السمراء في ستينات القرن الماضي، حينما كانت إيران تلقب في عرف بعض الأكادميين بشرطي الولايات المتحدة في المنطقة، غير أنه مع وصول الملالي إلى سدة الحكم عام 1979، أصبح لذلك التوغل أهدافا أخرى، ليس آخرها العمل على تقويض الوجود العربي السني في بوابته الخلفية، وعمقه الإستراتيجي، بل في البلاد العربية السنية ذاتها.
ما إن رتب الملالي بيتهم الداخلي، على هشاشة ذلك البنيان منطقيا وفكريا، حتى أطلق قائدهم الراحل الخميني مقولته الشهيرة في صدر عام 1980، حيث قال: إننا سنصدر ثورتنا إلى كل العالم، صحيح أن تصدير الفعل الاجتماعي المباغت عادة كالثورة هو أمر عسير، لكن إيران الملالي كانت تعمل جاهدة على ذلك، حتى غرست براثنها بقوة في أقصى غرب القارة الإفريقية، ناهيك عن شرقها ووسطها.
لأسباب معقدة وكثيرة لم تنجح إيران في إقامة علاقات ودية مع الدول، عوضا عن كون ذلك لم يكن هدفها بالأساس، إلا أنها استطاعت أن تقيم علاقات مع جماعات وكيانات صنعت منها فيما بعد تنظيمات تؤدي بواسطتها أهدافها المعلنة حينا، والخفية أحيانا أخرى.
هكذا إذن، ومن خلال الجيوب الشيعية، مكنت إيران لأذرعها في القارة السمراء، وهي أذرع منفصلة تمارس طهران بواسطتها التأثير والنفوذ داخل كل بلد ومجتمع، من دون أن تضطر إلى المواجهة المباشرة، فالعقيدة السياسية لإيرن الملالي تقوم على إنشاء الميليشيات الموالية لها حول العالم، ذلك ما جعل إيران دولة منبوذة، تظهر عكس ما تخفي، وذلك عرف قديم في العقيدة الشيعية يعرف بالتقية، أن يضمر الشخص عكس ما يظهر خوفا أو طمعا.
الخميس, 21 نوفمبر 2024