الجمعة, 18 أكتوبر 2024

قراءة في سير المجرمين| إبراهيم الجعفري.. «عميل إيراني» على قمة الدبلوماسية العراقية «7»

828 مشاهدة
منذ 6 سنوات

<< عاش في لندن سنوات حيث كان يتكسّب من إلقاء دروس الوعظ الديني في جلسات خاصة للنسوة الشيعيات مقابل المال

<< المراقبون: فترة رئاسته للوزراء هي الحقبة الأكثر دموية وسوداوية وطائفية في تاريخ العراق الحديث

<< «هيئة النزاهة العراقية» أكدت فساد الجعفري في أغسطس 2016.. ولم يجر أي تحقيق معه حتى الآن

 

في غفلة من الزمن، اعتلى العميل الإيراني الدكتور إبراهيم الجعفري، وزير الخارجية الحالي، قمة الدبلوماسية العراقية، بعد أن احتل منصب رئيس الوزراء خلال حقبة كانت الأكثر دموية وسوداوية وطائفية في تاريخ العراق الحديث. كان الرجل - ولا يزال- السياسي العراقي «الطائفي بامتياز»، حيث سعى منذ وقت مبكر إلى جعل البلاد مستنقعا طائفيا مقيتا، حينما سمح لمليشيات «جيش المهدي» الشيعية بالنفاذ إلى أجهزة الجيش والشرطة العراقية، وممارسة تصفيات طائفية وسياسية تحت غطاء الدولة وبسلاح حكومي، فضلا عن ممارسة عمليات القتل والتهجير. كما عمل الجعفري بكل دقة وحرفية على تنفيذ المخطط الإيراني في العراق. ومن المعلوم للكافة أن الجعفري واحداً من السياسيين العراقيين المتهمين بالفساد، حيث تتردد على نطاق واسع أقاويل مفادها أن الوزير يمتلك عددا من الحسابات البنكية في الداخل والخارج، فضلا عن مساحات شاسعة من الأراضي في مناطق عدة. وفي أغسطس 2016 أقرت «هيئة النزاهة العراقية» وهي الجهة الرقابية الأولى في البلاد بفساد الجعفري، فضلا عن إخفاقاته في المستوى الدبلوماسي. وقال عادل نوري، المتحدث باسم الهيئة، إنه سيتم خلال المرحلة المقبلة استجواب الجعفري بشأن الإخفاقات على المستوى الدبلوماسي والإداري والمالي, مشيراً الى أن هناك فسادا إداريا وهدرا ماليا مستشريا في سفارات العراق بالخارج، كما أن «المحسوبية» منتشرة بقوة في أروقة وزارة الخارجية. وعلى الرغم من ذلك، لم يتم حتى هذه اللحظة وبعد مرور أكثر من عام على تلك التصريحات، فتح أي تحقيق مع الجعفري، أو سحب الثقة منه. ذلك أن الرجل ليس سوى جزء من منظومة فساد كبرى في البلاد، ويحمي أعضاء هذه المنظومة بعضهم بعضا من أي مساءلة قانونية. «واعظ نسائي» بأجر وُلد إبراهيم عبد الكريم بن حمزة الأشيقر، المعروف إعلاميا باسم إبراهيم الجعفري، عام 1947  في مدينة كربلاء، وتعود أصوله إلى قبائل «الهزارة» الشيعية المنتشرة في أفغانستان، وقسم منهم في باكستان، انضم إلى «حزب الدعوة الإسلامية» الشيعي أحد أقدم الأحزاب العراقية عام 1966، بعد نحو 10 سنوات على تأسيس الحزب على يد المرجع الشيعي محمد باقر الصدر. حصل الجعفري على شهادة الطب من جامعة الموصل في عام 1966، وعمل لفترة قصيرة طبيبا في مسقط رأسه «كربلاء»خلال الفترة ما بين عامي 1970 و1979، ولم يمارس هذه المهنة بعدها أبدا. ثم غادر بعدها العراق مع عائلته عام 1980 متوجهاً إلى سوريا، ومنها إلى إيران حتى عام 1990 التي غادرها إلى العاصمة البريطانية لندن، حيث كان يتكسّب - بالأساس- من إلقاء دروس الوعظ الديني في جلسات خاصة للنسوة الشيعيات، ويُجمع له منهن مال يتعيّش منه. ولم يكن الجعفري معروفا من قبل سوى بأنه يُقدم مجالس الوعظ هذه للنساء في لندن، كما كان يذهب سنويا مع الحجاج الشيعة إلى الأراضي السعودية ضمن حملة حزب «الدعوة»، الذي عاد من جديد إلى الساحة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين، ويُقدم الوعظ خلال مناسك الحج. وفي عام 1980 انتُخِب عضوا في قيادة «حزب الدعوة الإسلامي»، وشارك في تأسيس «المجلس الأعلى الإسلامي»، وتصدّى لمسؤولية رئاسة المكتب التنفيذي واللجنة التنفيذية، ثم انتـُخِب ناطقا رسميا للحزب الذي تم حظره عام 1980، بعد أن فقد الجعفري وحزبه أي إمكانية للمصالحة مع حكومة الرئيس الراحل صدام حسين إثر اندلاع «انتفاضة الشيعة» جنوب البلاد، في أعقاب الحرب التي شنتها الولايات المتحدة لإخراج العراق من الكويت عام 1991، وقتل في المعارك التي دارت بين الجيش العراقي ومقاتلي «حزب الدعوة» وجماعات شيعية أخرى نحو 200 ألف عراقي. شيعي فوق دبابة أمريكية رغم التخرصات الشيعية التي تطنطن بأن الولايات المتحدة هي «الشيطان الأكبر»، ركب الجعفري الدبابة الأمريكية قبل أن يكون الرئيس الأول لمجلس الحكم الانتقالي الذي تشكل عام 2003 بعد الاحتلال، بوصاية من «بول بريمر» المندوب السامي الأمريكي في العراق بعد سقوط بغداد. وفي العام التالي شغل الرجل منصب نائب رئيس الجمهورية. وتسلّم الجعفري رئاسة الحكومة مع انتهاء فترة انتداب إياد علاوي الذي حل حزبه ثالثا في الانتخابات العراقية متخلفا عن «الائتلاف العراقي الموحد - قائمة السيستاني"، وشغل الجعفري المنصب رسميا في عام 2005، وهو المنصب الذي ظل فيه إلى أن خلفه نوري المالكي عام 2006. وما إن صار الجعفري رئيساً للوزراء، ولم يكن منتخبا لشخصه ولا لحزبه إنما لطائفته، حتى أعاد السلاح للميليشيات الشيعية، وهو نفس السلاح الذي باعوه في أيام إياد علاوي للحكومة مقابل المال. وأطلق الجعفري على نفسه في السجالات الانتخابية لقب «القوي الأمين»، وهو اللقب الذي سميَّ به القرآن الكريم النَّبي موسى، عليه السلام، وهو ما يعكس مدى الغرور وجنون العظمة «البارانويا"، الذي أصابه بعد أن تحول من «واعظ نسائي" إلى سياسي مشهور في غفلة من الزمن! وكان الحدث الأبرز والأخطر الذي شهده العراق نتيجة لسياسته الطائفية هو تفجير مرقدي «الإمامين العسكريين» في سامراء، وما حصل بعدها من إشعال لنار الفتنة الطائفية التي راح ضحيتها مئات الآلاف من أبناء السنة على أيدي مليشيات مقتدى الصدر وفرق الموت التي مارست عمليات تطهير عرقي واسع النطاق. وما زال المالكي الأمين العام لـ«حزب الدعوة» الحزب الحاكم، يخطط وبهدوء للعودة إلى السلطة، وهو ما يعني أن الجعفري سيبقى في ظل الرئيس، ذلك الرئيس الذي يستمد شرعيته وديمومته من طهران، فالساسة في العراق الجديد هم أقرب إلى قادة «فرق الموت». مع ذلك، فإن السفير الأمريكي عندما وجد أن الجعفري غير صالح لرئاسة الوزراء، لأنه لا «القوي ولا الأمين»، وأن خطابه الذي يسميه خطاب الدولة يدخل من هذه الأذن ويخرج من الأخرى، ترى السفير يخاطبه، ويُسجلها الجعفري في كتابه: "لقد كنت قائدا عظيما، وأنا متأكد من أنك ستظل القائد العظيم لهذا البلد"! ومن القضايا التي أثارت سخرية العراقيين مؤخرا في أحاديث الجعفري، وصفه للحكومة العراقية الحالية بزعامة حيدر العبادي بـ«الملائكية»، خلال لقائه مع عدد من الصحافيين العرب، عند مشاركته في مؤتمر الأمم المتحدة الـ13 لمنع الجريمة الذي عقد في الدوحة. وكان تعليق العراقيين على كلام وزير الخارجية هو: كيف تعتبر الحكومة ملائكية، وبعض عناصرها لديه ملفات في القضاء تتعلق بالفساد والإرهاب؟ ولماذا الملائكة لم تنقذ البلد من السيارات المفخخة؟ وأين العدالة الاجتماعية في عمل هذه الحكومة الملائكية؟ وغيرها من الأسئلة التي تحفل بها مواقع التواصل الاجتماعي حتى هذه اللحظة. والغريب أن الجعفري الذي تحوطه شبهات فساد وطائفية على نطاق واسع، والذي عاش خلال معارضته لنظام صدام حسين في لندن، لم يتحدث اللغة الإنجليزية يوما، وهو أول وزير خارجية عراقي لا يجيد التحدث بالإنجليزية!

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *