الأحد, 8 سبتمبر 2024

طابور إيران الخامس| مخدوعون وعملاء في غزة (9)

592 مشاهدة
منذ 6 سنوات

<< «حماس» تأكدت أن المطلوب من وراء الدعم الإيراني هو «تشكيل أحلاف».. وأنه ليس في عرف طهران «مالٌ بلا ثمن»

<< صحيفة أمريكية: الاهتمامات الملحة لإيران في غزة هي منع «حماس» من توطيد علاقاتها بالعواصم العربية

 <<المراقبون: المصالحة الفلسطينية الأخيرة برعاية مصرية ستضرب نفوذ إيران داخل القطاع في مقتل

  خاص – قناة المحمّرة| شريف عبد الحميد: هذه هي الحلقة التاسعة من الملف الكاشف «طابور إيران الخامس» في الوطن العربي، والذي بدأناه بعملاء طهران الناشطين في مصر، ثم الكويت والبحرين والسعودية والعراق والجزائر والمغرب، تليها هذه الحلقة عن عملاء إيران في غزة، كجزء من المخططات الإيرانية الشيطانية التي تستهدف الدول العربية عامة: يتعامل النظام الإيراني مع قطاع غزة باعتباره «مسمار جحا» لتوسيع نفوذها في المنطقة، ونقطة متقدمة في الصراع على الأرض ضد العدو المحتل، فضلا عن كونه أداة لتهديد الأمن القومي العربي، وخصوصا بعد المصالحة الفلسطينية الأخيرة برعاية مصرية، وهي المصالحة التي يرى المراقبون السياسيون أنها ستضرب نفوذ إيران داخل القطاع في مقتل. وفي كتابه «النفوذ الإيراني في قطاع غزة الشواهد والدلالات»، يقول الدكتور عدنان عامر، الباحث المتخصص في الشأن الفلسطيني، إن إيران ترى نفوذها في قطاع غزة وسيلة للتغطية على خلافها الطائفي مع الغالبية السنية، مؤكدا أن هذا النفوذ في غزة يمنحها «شيكاً على بياض» و «بوليصة تأمين» لدى الرأي العام الفلسطيني والعربي. «احتياطيات نضالية» مزعومة يؤكد الباحث أن إيران تهدف إلى توظيف حركتي «الجهاد وحماس» في أي صراع تخوضه من خلال فتحهما لمعركة جانبية تخدم نظام الملالي، حيث تملك إيران من خلال دعم الجماعات الفلسطينية المسلحة «احتياطيات نضالية» مزعومة ضد العدو المحتل الذي تعتبره طهران «الشيطان الأصغر»، بعد «الشيطان الأكبر» وهو الولايات المتحدة، وأن من شأن هذه «الاحتياطيات النضالية» كسب ود الرأي العام العربي ضد خصومها العرب أنفسهم، فضلا عن تطلعها لتوظيف هذه العلاقة من الجماعات الفلسطينية في استراتيجيتها «الدفاع غير المتماثل» ضد خصومها على غرار ما تفعل المليشيات الشيعية من مختلف دول العالم اليوم في سوريا والعراق. ويشير «عامر» إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008، وظهور التخاذل الإيراني أثناء ذلك، واكتفاء آيات الله بالتصريحات «العنترية» ضد العدو المحتل دون عمل حقيقي، توترت العلاقة بين طهران والجماعات المسلحة في قطاع غزة، وبدأت تتقلص الإمدادات المالية، وتأكد لـ «حماس» أن المطلوب من وراء المال الإيراني هو مجرد «تشكيل أحلاف" وأنه لا يوجد في عرف طهران مال بلا ثمن. وتطرق الباحث لقضية التشيع في غزة، فبرغم عدم ترحيب حماس بطائفية النظام الإيراني وسعيه لنشر التشيع في العالم، وأنها تحصر العلاقة معه في البعد السياسي، إلا أن إيران لم تكتف بالدور السياسي في غزة، بل عمدت من خلال حركة الجهاد لنشر التشيع عبر مقالات وبرامج في قنواتها الإعلامية، وعبر إرسال الجرحى إلى طهران، وتأسيس جمعيات خيرية وثقافية شيعية، وغيرها من الخطوات. وفي تقرير لها نُشر في نوفمبر 2012، ذكرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية، أن التحولات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط أضعفت النفوذ الإيراني في المنطقة إجمالا، وفي أوساط الفلسطينيين بشكل خاص. وقالت الصحيفة إن الاهتمامات الملحة لإيران بشأن غزة، تتركز على منع «حماس» من توطيد علاقاتها بالعواصم العربية، غير أن تحقيق هذا الأمر قد يكون صعباً بالنظر، إلى أن حركة حماس تفرعت أساسا من جماعة الإخوان المسلمين. أول تنظيم شيعي في غزة نشأ أكبر تنظيم شيعي مدعوم إيرانيا في غزة، وهو «حركة الصابرين نصرًا لفلسطين» المعروفة بـ «حصن»، في مايو 2014 برئاسة هشام سالم، وهو قيادي سابق مفصول من حركة «الجهاد الإسلامي»، وتبنت الحركة شعارا مطابقا لشعار «حزب الله» اللبناني. ووفق الباحث أبو عامر، سعت «حركة الصابرين» لإيجاد موطئ قدم لإيران في غزة، وتكوين ذراع عسكرية قوية تابعة لها في القطاع أسوة بـ «حزب الله»، أما الهدف الثاني فيتمثل في إيجاد بديل مستقبلي عن «حماس والجهاد الإسلامي» في غزة، إضافة إلى نشر فكر التشيّع في القطاع المحاصر. وأفادت تقارير إعلامية بأن الحركة تمتلك صواريخ «غراد»، وصواريخ «فجر» وبنادق قناصة إيرانية الصنع منها «شتاير» التي يمكن القنص بها عن بعد كيلومترين، وأسلحة رشاشة أخرى. وفي ديسمبر 2016، شنت الأجهزة الأمنية في غزة حملة اعتقالات واسعة النطاق، استهدفت قادة من «حركة الصابرين» الشيعية، التي تعد ذراع إيران في القطاع، بعد سنوات من التوتر بين «حماس» و «الصابرين»، على خلفية تأييد الأخيرة لبشار الأسد والمجازر التي ارتكبتها المليشيات الشيعية المدعومة من إيران في مدينة حلب. وقالت مصادر فلسطينية لصحيفة «الشرق الأوسط» وقتها إن ملاحقة «حماس» لقادة «الصابرين» بعد سنوات من المد والجزر في اتخاذ موقف حاسم تهدف إلى ممارسة مزيد من الضغط على الحركة الشيعية وصولا إلى إنهاء وجودها، وتزامنت حملة الاعتقالات ضد الحركة مع رفض شعبي واسع في غزة لوجود «جسم شيعي» في القطاع، خصوصا في ظل الرفض العربي للوجود الإيراني في غزة. وتبين للقاصي والداني وقتها أن إيران لن تخاطر برفع درجة «الصراع» مع العدو المحتل إلى خط المواجهة، وخروجا من مأزقها لجأت طهران لتوجيه الانتقادات والاتهامات إلى الدول العربية، وحاولت الضغط على «حماس» برفض التهدئة والوساطة العربية لحين توفر ظروف تتوافق مع المصالح الإيرانية. خدمة المصالح الإيرانية فقط من جانبه، يقول الكاتب والباحث في الشؤون الإيرانية صباح الموسوي، مدير المؤسسة الأحوازية للثقافة والإعلام، إن الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي مؤسس حركة «الجهاد الإسلامي» كان أول رجال طهران في قطاع غزة، وقد بدأت علاقته مع نظام الملالي الحاكم بصدور كتابه «الخميني: الحل الإسلامي والبديل»، وهو الكتاب الذي لفت نظر الإيرانيين الذين كانوا يتصيدون الفرص ليستغلوا أصحاب النوايا الحسنة والعواطف الصادقة ليتخذوا منهم وسيلة لتحقيق أهدافهم التوسعية في منطقة الشرق الأوسط برمتها. وكان «الشقاقي» يتابع عن كثب السياسة الإيرانية، ويلحظ البون الشاسع ما بين الشعارات التي كانت تعلن إبان انتصار ثورة 1979، وبين ما آلت إليه تلك الثورة وكيف انحرفت إلى تحقيق أهداف طائفية معادية للعرب. وحينما أخذ «الشقاقي» يتردد على طهران ويلتقي المسؤولين الإيرانيين ويحتك بهم عن كثب، بدأت تظهر له الصورة الحقيقية، ووقع طلاق غير معلن بينه وبين الإيرانيين بسبب تلقيه دعما ماليا من النظام الليبي، ورفضه مهاجمة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بل إنه في آخر زيارة له إلى إيران، تم حجزه في بيت شمال طهران ولم يسمح له بالخروج منه إلى المدينة كما قُطع عنه الهاتف لمدة شهر. ويضيف «الموسوي» أن الإيرانيين ومنذ أن أخذت خلافاتهم تتصاعد مع الشقاقي، بدأوا بتهيئة «بديل" له، فوقع اختيارهم على الدكتور رمضان شلح الأمين العام الحالي للحركة، الذي تمكن من بناء علاقات جيدة مع أطراف متنفذة في القرار الإيراني. وهناك حاليا قناعة راسخة عند الرافضين والمؤيدين لنفوذ إيران في غزة، بأن هذا النفوذ هو لخدمة المصالح الإيرانية فقط، بأساليب متنوعة، فحركات المقاومة مثل «الجهاد وحماس» تؤيد التعاون مع إيران باعتبارها حليفا استراتيجيا في الصراع مع العدو المحتل، وترى في هذ الدعم مصدرا لمساندتها في الصراع، غير أن هذه الحركات لن تقبل بالانخراط في مشروع إيران التوسعي، كما أنها لن تقبل أن تكون علاقتها مع إيران على حساب علاقتها بالأطراف العربية الأخرى.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *