الأربعاء, 15 يناير 2025

طابور إيران الخامس| عملاء ومرتزقة طهران يحكمون صنعاء (10)

2354 مشاهدة
منذ 7 سنوات

>>   حسن نصر الله في رسالة إلى "الحوثيين": مقاتلي "حزب الله" وصلوا إلى اليمن لكي يعلموا الشعب اليمني "جوهر الحكم"

>>   الرئيس منصور هادي: "قوات التحالف والشرعية لن تسمح للحوثيين المدعومين من إيران بالسيطرة على اليمن

>>   طهران لعبت من خلال عملائها في اليمن على وتر الطائفية وعمدت لاستثارة القناعات القديمة وإحياء أفكار الماضي

  خاص – قناة المحمّرة| شريف عبد الحميد: هذه هي الحلقة العاشرة من الملف الكاشف "طابور إيران الخامس في الوطن العربي"، والذي بدأناه بعملاء طهران الناشطين في مصر، ثم الكويت والبحرين والسعودية والعراق والجزائر والمغرب وقطاع غزة، تليها هذه الحلقة عن عملاء إيران في اليمن، كجزء من المخططات الإيرانية الشيطانية التي تستهدف الدول العربية عامة: تعد اليمن دولة مهمة بالنسبة لإيران، فهي تمثل عمقا استراتيجيا لها. ومن خلا  هذه الحقيقة المؤكدة يمكن قراءة منظور النظام الإيراني في محاولاته لخلق نوع من المشروعية لتدخلاته في اليمن، والتي تأتي ضمن سلسلة من لم يكن اليمن أولها ولن يكون آخرها في ظل مُخرجات السياسة الخارجية لنظام الملالي الحاكم في طهران. ولا شك أن وصول "الإمبراطورية الفارسية" وامتدادها إلى بقع شاسعة طالت أجزاء من المنطقة، لاسيما اليمن، يدفع باتجاه استعانة النظام الإيراني بهذا الجانب لإضفاء مشروعية على تدخلاته في المنطقة عامة وفي اليمن بشكل خاص، بعد نجاح "الحوثيين" الشيعة في الاستيلاء على حكم البلاد، إثر صراع عسكري طويل الأمد مع الدولة اليمنية. "الحوثيون" ظل إيران في اليمن بعد ثورة عام 1979 في إيران، بدأت السفارة الإيرانية في صنعاء تقديم دعوات للشباب اليمني لزيارة  طهران، والتعرّف على "تجربة الثورة الإيرانية"، واجتذبت هذه الدعوات عددا من شباب الطائفة الشيعية "الزيدية"، كان أبرزهم محمد عزان وعبدالكريم جدبان وحسين الحوثي مؤسّس الحركة "الحوثية" فيما بعد. زار حسين بدر الدين الحوثي، الذي يتحدر من عائلة يمنية بارزة تعتنق المذهب الشيعي الزيدي، العاصمة الإيرانية طهران عام 1986، وهناك التقى عددا من القادة الإيرانيين الكبار الذين وعدوه بدعم مالي وعسكري كبير لتغيير الوضع القائم في اليمن الذي كان تحت حكم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. وعندما عاد الحوثي إلى البلاد، شرع في تنظيم الزيديين وأصبح عضوا في البرلمان خلال التسعينيات من القرن الماضي، كما صار أصبح أكثر جرأة وراديكالية في نقده للنظام اليمني. وبرز "الحوثي" زعيما لحركة "حوثية" جديدة أعطاها اسم "أنصار الله"، مع ملاحظة التطابق التام في مسمى الحركة مع "حزب الله" اللبناني، الذي اتخذته كل المليشيات والجماعات الشيعية المسلحة مثلا أعلى. وبدأت خطب الحوثي تجمع حوله أنصارا وأتباعا كثيرين، وتمثل هذه الخطب المرجعية الفكرية لـ"الحوثيين" كما توضح حجم تأثره الفكري بنموذج الثورة الإيرانية، وفكرة القيادة السياسية ذات المشروعية الدينية. وعادة ما كان "الحوثي" يستشهد بالخميني ويقدمه كنموذج لمقاومة الاستعمار والصهيونية، وكذلك حسن نصر الله. وسرعان ما تطورت حركة "الحوثيين" إلى أن شكلت حركة متمردة تمثل تحديا كبيرا للرئيس "صالح" الذي كان مصمما على سحق على التمرد المسلح المتركز آنذاك في محافظة "صعدة" شمال اليمن على الحدود مع السعودية. أدان "صالح" الحركة "الحوثية" المسلحة لسعيها إلى الإطاحة به ولإضمارهم مخططات انفصالية. ولمدة عشر سنوات تقريبا، خاض الجانبان حروبا شرسة قتلت وشردت الآلاف من اليمنيين. وخلال الحرب الأولى، قُتل حسين الحوثي على يد القوات الحكومية اليمنية، لكن الحركة التي قادها ازدهرت عندما تولى أخيه عبد الملك الحوثي رئاستها. وفي عام 2009، وصلت المواجهات بين الحكومة و"الحوثيين" ذروتها. وكشفت الأزمة اليمنية عن أن ملامح التغلغل الإيراني في البلاد ليست حديثة، وأنها أخذت وسائل مختلفة، مثل تمويل أحزاب يمنية ووسائل إعلام مختلفة منها "قناة المسيرة" التابعة لجماعة "الحوثي" وغيرها. وأظهر حادث ضبط سفينة الشحن الإيرانية "جيهان-1" في خليج عدن أثناء توجهها إلى اليمن عام 2013، مدى التورط الإيراني في الأزمة اليمينية، بالإضافة إلى محاولة زعزعة استقرار الخليج والسعودية على وجه الخصوص، بعد تحويل اليمن إلى شوكة في خاصرة السعودية، ناهيك عن محاصرتها عبر السيطرة على مضيقي هرمز وباب المندب. وكانت السفينة "جيهان" القادمة من إيران واحدة من عدة سفن محملة بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر المختلفة، الثقيلة والمتطورة، تم ضبطها قبل وصولها إلى المتمردين "الحوثيين"، الذين كانوا يستقبلون معظم شحنات الأسلحة المهربة عن طريق ميناء "ميندي" المطل على البحر الأحمر. تورط "حزب الله" في اليمن ظهرت تأثيرات "حزب الله" بشكل تدريجي على أساليب قتال "الحوثيين"، كما أن تركيبة الحركة من الداخل يماثل نظيرها اللبناني "حزب الله"، مثل المكتب السياسي للقيادة، وكذلك الشكل التنظيمي للتيار العسكري للحركة. وكل هذا عزّز من حقيقة أن "الحوثيين" على تواصل مستمر مع "حزب الله" وأنهم تلقوا تدريبات عسكرية في إيران ولبنان. وفي أبريل من العام الماضي 2016، نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية تقريرا مفصلا عن علاقة "حزب الله" بالتمرد الحوثي في اليمن بما لا يقتصر فقط على التدريب وإنما المساعدة المباشرة ضمن سياسة إيران التدخلية في دول المنطقة. ومن بين ما ذكره التقرير توصيات إيرانية بمد "الحوثيين" بصواريخ مضادة للطائرات وأخرى للدبابات وأسلحة أخرى مختلفة، وهو ما حدث بالفعل مثلما تبين من السفن التي تم ضبطها في مياه خليج عمان وعدن والبحر الأحمر لاحقا. من جانبه، اتهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إيران مرارا، بتدريب "الحوثيين" عسكريا منذ 1994، وقال إن "قوات التحالف والشرعية لن تسمح للحوثيين المدعومين من إيران بالسيطرة على اليمن". كما أكد "هادي" لاحقا ضلوع "حزب الله" في دعم المتمردين "الحوثيين"، بعد كشف النقاب عن رسالة من حسن نصر الله، الأمين العام لـ"حزب الله" إلى الجماعة الحوثية، يقول فيها إن "مقاتليه وصلوا إلى اليمن لكي يعلموا الشعب اليمني جوهر الحكم". ويأتي تورط "حزب الله" في المشهد اليمني ومشاركته التخريبية بدعم إيراني، فالحزب يقوم منذ سنوات بتدريب ميليشيات الحوثي بهدف قتال القوات الشرعية في اليمن وتنفيذ عمليات ضد السعودية. ولم تكتف إيران في استراتيجيتها تجاه اليمن باستخدام عملائها من "الحوثيين" فقط، بل سعت إلى الالتفاف حول اليمن عن طريق وضع قدم لها في خليج عدن وإنشاء قاعدة عسكرية تمد أعوانها بالدعم اللوجستي والعسكري والتدخل الواضح إذا لزم الأمر. وكشفت العديد من التقارير الصحافية عن اختراق إيراني لمنطقة القرن الإفريقي عبر دولة إريتريا، وأشارت التقارير إلى أن إيران تمكنت بسرية تامة من بناء قاعدة بحرية عسكرية على البحر الأحمر، وأنها نجحت خلال الأشهر الأخيرة في تحويل ميناء "عصب" الإرتيري إلى قاعدة إيرانية. وتشير التقارير إلى أن الفرع الإفريقي في قيادة "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني تولى هذه المهمة بالتعاون مع القوات البحرية؛ حيث قامت السفن الإيرانية في البداية بنقل المعدات العسكرية والأسلحة الإيرانية إلى ميناء "عصب" بمشاركة ثلاث غواصات إيرانية، كما أرسلت طهران المئات من عناصر "فيلق القدس" وضباط البحرية والخبراء العسكريين في الحرس الثوري إلى إريتريا، وقامت بنصب العشرات من بطاريات الصواريخ المتوسطة وبعيدة المدى والصواريخ المضادة للطائرات والسفن في الميناء. وهكذا، لعبت طهران من خلال عملائها في اليمن على وتر الطائفية المذهبية، وعمدت إلى استثارة القناعات القديمة وإحياء أفكار الماضي، والتعبير عنها بالأسلوب الذي أنتجته الثورة الإيرانية ويتجلى ذلك في كل شيء بدءا من التدريبات العسكرية والخطاب الإعلامي وانتهاء بالشعارات، حتى استطاع عملاء ومرتزقة طهران الاستيلاء على الحكم في صنعاء، ومازال الصراع مستمرا.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *