>> أكاديمي أردني: إيران لا تدخر جهدا لخلق عملاء لها داخل المملكة من الجماعات الراديكالية أو "الخلايا النائمة"
>> طهران تجند الشيعة لزعزعة استقرار البلاد ونقل الفوضى وتهريب المخدرات إلى المملكة
>>إيران عملت على اللعب بورقة "إغراق الأردن" وإدخاله في أزمة لاجئين من الجانبين العراقي والسوري
خاص – قناة المحمّرة| شريف عبد الحميد: هذه هي الحلقة الثانية عشرة من الملف الكاشف "طابور إيران الخامس في الوطن العربي"، والذي بدأناه بعملاء طهران الناشطين في مصر، ثم الكويت والبحرين والسعودية والعراق والجزائر والمغرب وقطاع غزة واليمن والسودان ولبنان، تليها هذه الحلقة عن عملاء إيران في الأردن، كجزء من المخططات الإيرانية الشيطانية التي تستهدف الدول العربية عامة: تسعى إيران بكل السبل إلى ضرب استقرار المملكة الأردنية وبث مظاهر الفوضى والاضطراب السياسي فيها، وصولاً إلى تحقيق حلمها التوسعي في المنطقة برمتها، بأن تصبح "الإمبراطورية الموعودة" حسب مساعي ثورة 1979 التوسعية، وفي إطار "تصدير الثورة" إلى دول الجوار العربي والإسلامي، ومن هنا ظهرت محاولات إيران المتكررة لاختراق الأمن الأردني، عبر عملائها من الشيعة والمتعاطفين مع "حزب الله" اللبناني. ومنذ زوال حكم الشاه في طهران وبدء حقبة نظام الملالي، توترت العلاقة الأردنية- الإيرانية، بسبب الصداقة الشخصية التي كانت بين الشاه والملك الراحل "الحسين"، وبسبب الوعي المبكر والشخصي للعاهل الراحل بحقيقة التشيع، حيث انخرط الحسين بقوة في دعم وتأييد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في حربه ضد إيران، لدرجة مشاركة الحسين بنفسه في إطلاق أول قذيفة مدفع من الجبهة العراقية على القوات الإيرانية، ما ترك حقدا شخصيا عليه من قبل الإيرانيين. وفي عام 2001 تم القبض على ما يقارب 10 عناصر ينتمون إلى "حزب الله" قادمين من سوريا ومحملين بالسلاح، وقد اعتقلتهم السلطات الأردنية وما لبثت أن أطلقت سراحهم لاحقاً بعد وساطة مع العاهل الأردني، حيث كانت حجتهم هي "الدخول إلى فلسطين". وبعد وصول الرئيس الأسبق محمد خاتمي لسدة الحكم، وإعلانه عن سياسة الحوار والانفتاح مع دول الجوار، تحسنت العلاقات بين الجانبين وزار الملك عبد الله الثاني طهران عام 2003. ولكن مع وقوع الاحتلال الأمريكي للعراق في العام نفسه وقيام إيران باستغلال ذلك لمصالحها الطائفية عاد التوتر للعلاقات وتصاعد القلق الأردني من السياسة الإيرانية. وكان الحدث الأبرز في العلاقات بين الجانبين، هو تصريح الملك عبد الله الثاني عام 2004، وتحذيره من خطورة "الهلال الشيعي" في المنطقة، وهو التصريح الذي قوبل بهجوم إيراني شديد على الدولة الأردنية. "حرب خفية" في يونيو من العام الماضي 2016، كشفت محاولات الاختراق المتبادلة التي يقوم بها قراصنة إيرانيون وأردنيون، عن "حرب خفية" تدور بين الدولتين، لا تقتصر على الفضاء الإلكتروني فحسب، بل تتعداه إلى الأرض، من خلال التماس المباشر بين البلدين في سوريا، بعد انحسار نفوذ النظام السوري على أراضيه وبسط طهران سيطرتها على صناعة القرار في دمشق. وفي منتصف 2016، قام قرصان إلكتروني "هاكر" أردني باختراق موقع المكتب الإعلامي للرئاسة الإيرانية، ردا على قيام قراصنة إيرانيين باختراق موقع دائرة ضريبة الدخل الأردنية. وقال الدكتور نبيل العتوم، الأكاديمي الأردني الخبير في الشأن الإيراني، إن هناك "بيئة صراعية" بين الأردن وإيران، خصوصا أن طهران تسعى منذ مدة إلى خلق مواطن أزمات تنفذ من خلالها إلى الساحة الأردنية. وأكد "العتوم" أن "إيران لا تدخر جهدا لخلق عملاء لها داخل الساحة الأردنية، ولو من خلال بعض الجماعات الراديكالية "الجهادية"، أو عبر توظيف بعض الخلايا النائمة التي تسللت مع اللاجئين"، منوها إلى أن "للسفارة الإيرانية في عمّان نشاطات مشبوهة، وقامت الخارجية بإرسال تحذيرات عديدة للإيرانيين للتوقف عن العبث بالأمن الأردني". وفي هذا السياق، شهد الأردن العديد من المساعي الإيرانية التي تهدف إلى زعزعة الأمن وقلب الأحوال بما يضمن لها التمدد الطائفي، ومن هذه المساعي الوثيقة الإيرانية التي كشفها "مركز المزماة للدراسات والبحوث" في عام 2016 التي تُظهر بكل وضوح شيطنة وخبث النظام الإيراني في السعي للنيل من أمن واستقرار الأردن، وإدخاله في "الفوضى الخلاقة" التي عمت كل من العراق وسوريا. وفي 3 أبريل 2015 اعتقلت السلطات الأردنية خالد كاظم الربيعي النرويجي من أصل عراقي، والذي كان يعمل لصالح "فيلق القدس الإيراني"، وكان يخطط لتنفيذ عمليات إرهابية من شأنها زعزعة أمن واستقرار الأردن، وتم ضبط 45 كيلوغراماً من المتفجرات كانت مخبأة في منطقة ثغرة عصفور في محافظة جرش شمالي المملكة. حركات التشيع السرية من جهة أخرى، مارست إيران سياسة التدخل في شؤون الأردن الداخلية من خلال تجنيد "خلايا نائمة" من الشيعة لزعزعة استقرار البلاد، مستغلة الأزمة السورية لنقل الفوضى وتهريب المخدرات إلى المملكة الأردنية. ويرى مراقبون أردنيون أن إيران عملت على اللعب بورقة "إغراق الأردن" وإدخاله في أزمة لاجئين من الجانبين العراقي والسوري، وتكديس اللاجئين على مقربة من حدوده لتتمكن من زرع خلاياها النائمة وإدخالها لأراضيه لاحقاً مع تبني استراتيجية الزج بـ"الحرس الثوري" وميليشيات "حزب الله" والمجموعات متعددة الجنسيات ليتمكنوا من إدخال الأردن في أزمة سياسية وأمنية عميقة. وتعالت في الداخل الأردني أصوات محذرة من "التمدد الشيعي"، ليس السياسي فحسب بل كذلك الديني، مع تزايد لافت لأعداد المتشيعين في الأردن، خاصة أن التشيع لم يظهر في البلاد تأثرا بـ"حزب الله" فقط، أو من قبيل التأثر الموقت، وإنما لازدياد حركات التشيع السرية في الأردن، التي باتت تستهدف البؤر الفقيرة في الأردن لاستمالة القاطنين فيها الى المذهب الشيعي. ولا يمكن الجزم بأعداد المتشيعين الأردنيين، وإن كان هنالك اتفاق بين مختلف الأطراف الرسمية والقريبة من الشيعة على أن الظاهرة محدودة، لكنها فاعلة في السنوات الأخيرة، وتصل وفق أغلب التقديرات الرسمية وغير الرسمية، ومنها مصادر من القريبين والراصدين لظاهرة التشيع، إلى "مئات الأشخاص" سواء من رجال ونساء وعائلات. ويظهر الانتشار الأبرز لظاهرة التشيع في ضواحي مختلفة من عمان، إذ ازدهرت الظاهرة في السنوات الأخيرة بعد وفود مئات الآلاف من العراقيين إلى الأردن، حيث ينشط الشيعة العراقيون بإقامة احتفالاتهم الدينية وإحياء المناسبات الشيعية، وقد حوّل عدد منهم منازلهم إلى "حسينيات"، يجتمعون فيها ويحضرها متشيعون أردنيون ينشدون الأناشيد الدينية، وإحدى هذه الحسينيات المعروفة كانت في جبل الجوفة، قبل أن تعتقل الأجهزة الأمنية إمام هذه الحسينية علي السغبري، وتقوم باستجوابه ثم بترحيله إلى العراق. وقبل نحو عامين تحرك أهالي مدينة "الكرك" الأردنية الجنوبية لمنع المئات من الشيعة العراقيين زيارة مراقد لصحابة وأئمة تتواجد في المدينة الجنوبية، ومنع العراقيين وقتذاك من زيارة تلك المراقد، في أبرز حالات الرفض الشعبي الأردني لأي وجود شيعي، رغم أن المدينة ذاتها قد شهدت في سنوات سابقة أيضا إحياء لذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه، إذ أبرزت وسائل إعلام أردنية لقطات لأردنيين من الشيعة وهم يطبرون رؤوسهم، ويلطمون، إلا أن الصور الملتقطة أظهرت ضآلة الأعداد، وربما هذا هو السبب الذي كمن وراء عدم تحرك السلطات الرسمية الأردنية بشكل رسمي للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة. وقبل عدة أعوام، هدد النائب الأردني السابق تيسير الفتياني بمساءلة الحكومة الأردنية رسميا، "إذا ما استمر صمتها إزاء حركات التشيع التي تنشر التمدد الشيعي في الأردن، عبر استغلالها لحاجات الناس المادية لاستمالتهم نحو حسينيات تنصب في بيوت العراقيين الأثرياء الذين وفدوا الى العاصمة الأردنية عمان للإقامة فيها بكثافة منذ العام 2003 هربا من الظروف الأمنية والعسكرية في بلادهم".