الجمعة, 18 أكتوبر 2024

صابئة الأحواز وجفاف الأنهار

354 مشاهدة
منذ سنتين

كان انخفاض منسوب نهر الكارون بسبب السدود غير المجدية من ناحية، وتلوث المياه نتيجة الصرف الصحي المتدفق لهذا النهر من ناحية أخرى، قد تسبب في العديد من المشكلات للمزارعين وسكان الأحواز، ليس هذا فحسب، بل خلق العديد من التحديات أمام ممارسة الصابئة المندائيين الأحوازيين لطقوسهم الدينية... يعيش أتباع إحدى أقدم الديانات في العالم في اقليم الأحواز وغالبًا في مدن، الأحواز والبسيتين و الخفاجية والحميدية، ومعشور، وعبادان، والفلاحية والمحمرة؛ وأينما تتدفق الأنهر في الإقليم فهناك مندائيين.. “المندائيون” أو “الصابئة” الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم، هم أتباع النبي يحيى بن زكريا “يوحنا المعمدان”، وتتركز طقوسهم الدينية على التعميد في المياه الجارية، وهم أقدم أقلية دينية تعيش في الأحواز.. التعميد هو فريضة يؤديها الصابئة مرة أسبوعيًا قبل كافة الطقوس الدينية الاخرى ويؤدونه أينما تتدفق المياه الجارية، ويمارس أغلب المندائيين طقوسهم الدينية عند نهري الكارون والدز، ويعيشون بالقرب من هذين النهرين منذ قرون عديدة.. عندما جاء نظام الخميني، كان هناك نحو 24 ألف صابئي في الأحواز، ونتيجة ممارسة الضغوط على هذه الأقلية الدينية من قبل النظام الايراني، هاجر أغلب المندائيين إلى العراق ليتمكنوا من ممارسة طقوسهم الدينية على ضفاف نهري دجلة والفرات. ولكن على مدار العقدين الماضيين، زادت هجراتهم إلى استراليا وأمريكا... يعمل أغلب المندائيين في فن الزخرفة بالمينا، ويُعرف هذا الفن باسم “فن المينا الصُبي” ويتم زخرفته على المجوهرات من الذهب أو الفضة. ومنذ عامين، تم تسجيل فن المينا الصُبي فنًا وطنيًا والأحواز مركزًا لهذا الفن.. إن تراجع منسوب المياه في الأحواز ليست المشكلة الوحيدة التي يعاني منها المندائيون. فهناك مشكلة أكبر تهدد صحتهم، وهي تلوث مياه الكارون. كما أدى تدفق مياه الصرف الصحي للمدن والمخلفات الصناعية والزراعية في هذا النهر وعدم تجريفه، إلى تغير لون المياه وانبعاث رائحة كريهة منها.. على ضفاف نهر الكارون، توجد “منصة التعميد” والتي يذهب إليها المندائيون لأداء الفرائض الدينية. ويشرح أحد أبناء هذه الطائفة، واسمه سعيد، قائلا: “يوجد مرفق للصرف الصحي بالقرب من منصة تعميد المندائيين وهو ما تسبب في زيادة تلوث المياه لدرجة أنه في بعض الأحيان يتم تعليق الطقوس الدينية بسبب شدة التلوث.. حول المشكلات التي يعاني منها المندائيون يقول سعيد: إننا مضطرون للتكيف مع ارتفاع أو انخفاض منسوب مياه النهر، وفي بعض الأحيان يتعين علينا نزول الدرج المؤدي إلى المنصة للوصول إلى عمق المياه اللازم، وحينما يفتحون السد، تغمر المياه هذا الدرج والمنصة وتتعرض الأسر ولا سيما الأطفال للغرق.. الدستور الإيراني الذي يعترف بالأقلية المجوسية الفارسية فانه لا يعترف بأقلية الصابئة العربية ولهذا فإن أبناء هذه الطائفة يعانون من الاضطهاد الديني والتمييز العنصري شأنهم في ذلك شأن عامة أبناء الشعب الأحوازي..

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *