>> تتشابه أراضي الإقليم مع الأراضي العراقية السهلية المجاورة لها حد التطابق.. ويعزي ذلك إلى وحدة الأصل الجيولوجي على عكس أراضي هضبة إيران الجبلية
«نابليون» كان يجادل عن رأيه بأن جغرافيا الدول هي المحدد الأول لسياساتها. كان هذا بالطبع قبل ظهور ما يُعرف بالجيوبوليتيك أو علم الجغرافيا السياسية. اختيار الأحواز كبوابة للخليج العربي لم يكن بشريًا بحال من الأحوال، فالحدود بين هذه المنطقة وبين بلاد فارس هي حدود طبيعية لا بشرية تتمثل في «جبال البختيارية» الإيرانية التي هي جزء من سلسلة «جبال زاجروس»، والتي تفصل الإقليم العربي تمامًا عن الامتدادات الجغرافية الإيرانية، كما يحدها من جهة الشمال سلسلة جبلية أخرى هي «جبال كردستان العراق» والتي تفصل الإقليم العربي الأحوازي عن مناطق سكن الأكراد.
بخلاف هذه الحدود الطبيعية بين إقليم الأحواز وبين بقية الأراضي الإيرانية، تُعد الأحواز امتدادًا للجغرافيا العربية، فهي تتصل غربًا بالأراضي العراقية وجنوبًا تطل على الخليج العربي. كما أن أراضيها تتشابه مع أراضي العراق في التضاريس الطبيعية والخصائص الطبوغرافية والمناخ والمحاصيل الزراعية والثروات المعدنية وفي مقدمتها النفط. وحتى مناخ الإقليم أقرب كثيرًا لجارتيه؛ محافظتي البصرة والعمارة العراقيتين منه بالمحافظات الإيرانية.
وفي هذا الصدد، يذكر الباحث الإيراني أحمد كسروي في كتابه «تاريخ الأحواز في خمسمائة عام» أن التاريخ الجيولوجي لأراضي كل من الأحواز والسهل الرسوبي من العراق متماثل؛ إذ تكونا من ترسبات نهري دجلة والفرات ونهر كارون وتفرعاته. وهو ما أدى إلى ظهور الأراضي على جانبي شط العرب، وكونت بذلك مع سهول بلاد العراق وحدة قائمة بذاتها لها خواص مناخية متشابهة. ويؤكد الباحث أن العلاقات المكانية الطبيعية التي تربط بين عربستان «الأحواز» وإيران تكاد تكون معدومة؛ إذ ليست هناك أي علاقة في التكوين الطبيعي بين سهل عربستان وهضبة إيران الجبلية.
طبقًا لهذه الجغرافيا كان يتعين على العرب، في إطار التنافس الإقليمي حد العداء مع المشروع الفارسي المتنامي أو على الأقل بدافع حماية الأمن القومي العربي والخليجي، أن يحفظوا هذا الجزء الثمين من أرضهم والمقتطع منهم منذ عام 1925م. فحفاظهم عليه كان سيعني بالتبعية تطويق بلاد فارس وحصارها بعيدًا عن أراضي العرب>
إضاءات
الخميس, 26 ديسمبر 2024