بعد أن وصل المجرم الإيراني قاسم سليماني برفقة المليشيات الإرهابية إلى المناطق المتاخمة للحدود السورية العراقية، يتبادر إلى الذهن مباشرة حول من ستؤول إليه الغلبة لفرض السيطرة على هذه المناطق؟
بعد محاولات استمرت أكثر من 6 سنوات، تمكنت إيران من فتح ممر إستراتيجي يؤمن دعما بريا من طهران لمليشيات الإرهاب، ويمر بشمال العراق إلى ساحل البحر المتوسط غرب سوريا.
فمع وصول الحشد الشعبي إلى مناطق الحدود السورية، داخل حدود محافظة نينوى العراقية، أصبح بالإمكان القول إن هناك طريقا بريا مؤمّنا داخل الأراضي العراقية يربط إيران بسوريا. يبدأ الطريق من حدود العراق الشرقية مع إيران ليدخل محافظة ديالى، ثم يتجه نحو مناطق شمال محافظة صلاح الدين ويتجه نحو صحراء نينوى الغربية، وصولا إلى الحدود السورية. ويهدف "الكوريدور" الإيراني إلى إقامة ممر بري بوصل طهران ببيروت مرورا بمعبر الوليد إلى دمشق أو حمص وبالتالي البقاع ويكون طريقا تطال من خلاله إيران عنان البحر المتوسط.
اقرأ أيضًا:
تتولى قوات الحشد الشعبي الموالية لإيران هذه المهمة. وطيلة العامين الماضيين، تختار قيادة الحشد الشعبي المناطق التي تقاتل فيها بعيدا عن الخطط العسكرية المركزية التي تضعها الحكومة العراقية للحرب ضد تنظيم داعش .وفرضت منظمة بدر وعصائب أهل الحق سلطة السلاح على العديد من مناطق محافظة ديالى الحدودية مع إيران، لتقلب الأغلبية السكانية فيها من الطائفة السنية إلى الشيعية، فيما قاتلت عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله في مناطق بيجي وشمال صلاح الدين مطولا، لتفرض سيطرتها الكاملة عليها. وقد حمل ظهور قائد فيلق القدس الإيراني المجرم قاسم سليماني عند الحدود العراقية السورية دلالة خاصة أبعد من مجرد مواكبة تقدم ميليشيات الحشد الشعبي عند قضاء البعاج جنوب الموصل، فنجاح الحشد الشعبي في بسط سيطرته على معظم الشريط الحدودي ومعبر باب الوليد يمثل خطوة هامة ضمن المشروع الإيراني بفتح طريق اتصال مباشر بين بغداد ودمشق.
يمثل وصول الحشد الشعبي إلى مناطق غرب نينوى، تحديا لنفوذ رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، ورغبة الأكراد في ضم منطقة سهل نينوى وسنجار إلى إقليم كردستان، ويرفض الحشد الشعبي والحكومة الاتحادية أن تستقطع البيشمركة تلك المناطق.وفي طريقه نحو تحقيق هدفه على الحدود، حرر الحشد الشعبي عددا من القرى التي يسكنها إيزديون، لكنه أعلن أنه سيسلم مسؤوليتها إلى مجموعات من هذه الأقلية الدينية موالية له، وليس للمجموعات الموالية لكردستان، وهو ما مثل استفزازا مباشرا للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة البارزاني. حيث بلغت التوترات بين الحشد الشعبي الشيعي والبيشمركة الكردية، مستوى غير مسبوق، ما ينذر بتفجر نزاع مسلح بين الطرفين، بسبب خلافات حول أمن منطقة سنجار في محافظة نينوى. وتتخوف أوساط عراقية من أن تؤدي أجواء التوتر والمناوشات إلى مواجهة عسكرية بالوكالة في ظل مساعي الحشد للسيطرة على مناطق نفوذ كردية لتأمين عبور الأسلحة والمقاتلين من إيران إلى سوريا، فيما يحظى الأكراد بدعم أميركي قوي. ومع إعلان الحشد عن وصول طلائع قواته إلى مناطق حدودية في نينوى، بين العراق وسوريا، صدرت تصريحات عن قياداته تتحدث عن دخول بلدة سنجار، وتكليف قوة إيزيدية بمسك الأرض فيها، ما أثار حفيظة قوات البيشمركة.ويتحالف مقاتلون إيزيديون مع الحشد الشعبي، وعادة ما تطلق عليهم قوات البيشمركة لقب “الخونة”.
قد يعجبك أيضًا:
كما يمتلك حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) وجودا عسكريا مهما في المنطقة، وهو حليف للحشد، ويتلقى تمويلا من إيران. وتحرّك الحشد الشعبي صوب سنجار هو جزء من محاولات إيران تطويق المشروع الأميركي، الذي تم الإعلان عنه خلال زيارة تاريخية للرئيس الأميركي للرياض هذا الشهر، قبل أن تكتمل ملامح المشروع، الذي يحظى بتوافق عربي وإسلامي واسع. ولا يبدو الحشد الشعبي مهتما بالتحذيرات الكردية في الوقت الذي يعتبر فيه محللون سياسيون أن هدفه من هذا التمدد هو منع الأكراد العراقيين والسوريين، المدعومين من واشنطن، من إغلاق الحدود السورية العراقية أمام إيران.
•مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية