كانت ذات يوم تسمى الفيحاء وتسمى أيضا ثغر العراق الباسم وكان لها اسما عديدة أخرى تعبر عن جمالها واهميتها ورغد العيش الذي كان عليه أهلها، اما اليوم مع وجود المليشيات الإرهابية ومافيا الفساد التي باتت تحكم سيطرتها على العراق عامة وعلى البصرة خاصة. فقد بات لهذه المحافظة غصص والام لا تعد ولا تحصى....
تشهد البصرة اليوم مآسي متعددة منها الصرعات العشائرية التي تخلف كل يوم مأساة جديدة تزيد من الشرخ الاجتماعي في المحافظة، وصراع المافيات، مافيا المخدرات ومافيا تهريب النفط ومافيا تجارة السلاح ومافيا الخمور والدعارة والقمار، الى جانب الصراع بين الجيش والقوات الأمنية من جهة والمليشيات المسلحة التي لبسط هيمنتها على الموارد الاقتصادية في المحافظة....
في وضح النهار وامام مرأى ومسمع الجميع تعرضت في يوم 27 من أيار الماضي عدد من شاحنات النقل البري التي كانت خارجة من ميناء البصرة الى حالات تسليب تحت تهديد السلاح على الطريق الدولي الرابط بين محافظتي البصرة وذي قار....
هذه الجريمة التي قال عنها قائد عمليات محافظة "اللواء علي عبدالحسين الماجدي " انها لم تقع ضمن قاطع مسؤولياته، كشفت مرة أخرى عن عمق الازمة الأمنية التي تعيشها محافظة البصرة والمحافظات العراقية الجنوبية الاخرى، حيث أصبح القادة الامنيون يترامون الاتهامات فيما بينهم للتهرب من مسؤولياتهم وهو ما يعكس فشلهم في تطبيق الامن في المناطق الجنوبية....
منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2019، عصفت بمحافظة البصرة موجة اغتيالات دامية لم تتخذ السلطات المحلية أو الاتحادية أي إجراء حيالها، ففي 4 أكتوبر قُتل الناشط حسين عادل وزوجته سارة في شقتهما وأمام طفلتهما، وفي 10 يناير (كانون الثاني) 2020 اغتيل الصحافي أحمد عبدالصمد الذي اشتهر بمناهضة النفوذ الإيراني والفصائل المسلحة برصاصات عدة مع مصوره صفاء غالي. واستمر مسلسل الاغتيالات وصولاً إلى اغتيال الناشط المدني تحسين الشحماني...
في كل تلك المراحل استمرت مطالبات الناشطين بالكشف عن القتلة والجماعات المسلحة التي تستهدف الناشطين المناهضين للنفوذ الإيراني، وقد وجه الناشطين اتهامات مباشرة لمحافظ البصرة اسعد لعيداني والأجهزة الأمنية في المحافظة بالتستر على القتلة....
ترشح اسعد العيداني لشغل منصب محافظ البصرة من خلال "حزب المؤتمر الوطني" الذي يتزعمه آراس حبيب المُدرَج ضمن لائحة عقوبات وزارة الخزانة الأميركية لارتباطاته بـ "الحرس الثوري" الإيراني. ويحظى العيداني بدعم واسناد قوي من المليشيات المسلحة الموالية لإيران الامر الذي جعل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عاجزا عن عزله واكتفى بإقالة بعض القيادات الأمنية في المحافظة في محاولة منه لتهدأة خواطر المحتجين....
هيمنة المافيات والمليشيات المسلحة الى جانب الصراعات العشائرية الدامية التي عادة ما تستخدم فيها الأسلحة المتوسطة، بالإضافة الى قلت مياه الشرب وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يوميا، حولت البصرة الى محافظة منكوبة تعيش الانفلات الأمني بكل معنى الكلمة وهذا ما يجعلها مصدر تهديد ليس للمحافظة المجاورة وحسب بل انها أصبحت مصدر تهديد لأمن الملاحة في الخليج العربي وتهديد لأمن لدول المجاورة أيضا ....
فمن ينقذ البصرة من نكبتها ؟....
الأحد, 22 ديسمبر 2024