في مثل هذه الأيام قبل ثمانية أعوام مضت تَرشّح “حسن روحاني” للانتخابات، وقد بدأ حملته الانتخابية في 21 مايو/أيار 2013 وكان روحاني يَرسم صورة مبشِّرة للمستقبل فيعتلي موجة استياء الشارع الإيراني المتعَب من الفوضى والاضطراب الـمُهيمنَين حينَها....
في غضون السنتين السابقتين على تلك الانتخابات كان المجتمع الإيراني يَشهد أزمة تُعتبَر أكبر أزمة اقتصادية – اجتماعيّة بعد الحرب الإيرانية العراقية، فالنظام وصل إلى طريق مسدود على نحو تام في سياسته الداخلية والخارجية والاقتصادية وكان من المقرَّر أن يَكسر روحاني هذا الانسداد ويُنقذ المجتمع مما آلَ إليه من أوضاع مضطربة، فصرّح في يوم ترشحه انه آتا باتجاه تنظيم أمور الشعب وتحسين أوضاعه المعيشية...
لقد كانت حصيلة إدارة الرئيس السابق “محمود أحمدي نجاد” لثماني سنوات هي بلد يَعيش فوضًى عارمة بلغ فيها حجم الخراب مبلغاً يُقارَن بالخراب الذي خلّفته الحرب مع العراق، وكان روحاني يقول إن نتيجة سوء تدبير إدارة أحمدي نجاد هي التضخم والوهم والعقوبات....
الآن مضت ثمانية أعوام على تلك التصريحات وأبعادُ الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إيران أكثر بكثير من عهد احمدي نجاد الذي انتهى سنة 2013، فالأضرار التي ألحقها التضخم والوهم والعقوبات بالمجتمع الإيراني في السنوات الثلاث الماضية أكثرُ حدّةً وفاعلية من المصيبة الفظيعة التي انهالت عليه في عهد نجاد...
لم يُصدِر البنك المركزي الإيراني إحصائية التضخم لسنة 2020 حتى الآن وقد لا يُصدرها قبل أسابيع وأشهر لاحقة، لكن يمكن التأكيد على أن التضخم جاوز لأول مرة 30% لثلاثة أعوام متتالية، وإذا كان تضخم 2020 أكثر من 40%، ويُرجَّح كثيراً أنه كذلك، فهذا يعني أن عاصفة التضخم بنسبة 40% تُضيق الخناق على المجتمع الإيراني لأول مرة لعامين متتالين بعد الحرب العالمية الثانية....
كان كساد الاقتصاد الإيراني قد بدأ قبل وصول روحاني إلى رئاسة الجمهورية، والوصفة التي قدمها من المأزق الاقتصادي تمثلت في كسر العقوبات واستئناف إنتاج النفط، وقد تـمّ لهم هذا بعد إبرام الاتفاق النووي، فتمّ تعويض كثير من التراجع الاقتصادي بفضل بيع النفط، لكن الآية انقلبت سنة 2018بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وعودة العقوبات، إنّ أطول وأعمق مرحلة من الكساد الاقتصادي تشهده إيران على مدى ثلاثة سنوات مضت....
الآن يبلغ حجم الأضرار التي لحقت بالمجتمع الإيراني في غضون السنوات العشر الماضية مبلغاً كبيراً جداً، إلى درجة أن رفع العقوبات وتنشيط النفط أيضاً لا يَستطيعان إيجاد أمل في تحسين الأوضاع على المدى القصير، بل حتى على المدى المتوسط. أيضا....
بعد أسابيع سوف يتم انتخاب رئيس جديد، وبعد ثلاثة أشهر سوف تَتسلّم حكومة جديدة مقاليد الإدارة، و بناء على ذلك يطرح المراقبون هذا السؤال: ما التأثير الذي قد تتركه الانتخاباتُ الـمُزمَع إجراؤها في الاقتصاد الإيراني؟
السؤال المطروح حالياً من قبل الشعوب في ايران هو، هل سيتكرر ما حدث قبل ثمانية أعوام؟ هل هناك أمل بتحسين أوضاعهم السياسية والاقتصادية ؟....
للإجابة عن هذا السؤال ليس أمامنا سوى الانتظار لمعرفة ما هي أداة لجم الأزمة الاقتصادية وهل ان الدولة العميقة ستمنح الحكومةَ الجديدة حقَّ استعمال هذه الأداة؟، الكثيرون غير متفائلون....
الأحد, 22 ديسمبر 2024