صعود وانهيار "خامنئي"
في الثالث من يونيو عام 1989 ، مات الخميني..
لم يكن من المفترض أن يخلفه "علي خامنئي"، بل نائبه "حسين منتظري"، الرجل الثاني في النظام الإيراني..
لكن "منتظري"، كان معارضًا لأغلب سياسات "الخميني"، مثل الحرب الإيرانية مع العراق ، التي عارضها ، وحمل "الخميني" مسؤولية إشعالها..
ارتفع صوت "منتظري" أيضًا عقب إعدام النظام قرابة 30 ألفًا من المعارضين، وكان الأمر بمثابة إبادة جيل كامل من الإيرانيين..
ضاق "الخميني" بالمرجع آية الله منتظري، فعزله من منصب نائب المرشد، ووضعه قيد الإقامة الجبرية..
وقبل أن يموت "الخميني" أوصى بتوريث الحكم لخامنئي، لكن بعد موته وقع الملالي في ورطة.. فلم يكن "خامنئي" مرجعًا دينيًا، وهو الشرط الواجب تحققه فيمن يتولى منصب ولاية الفقيه..
كان "خامنئي" مرتبكًا هو أيضًا، وأقر أمام المعممين أنه ليس مؤهلاً..
لكن الملالي أصروا على تعيينه، فلم يكونوا بحاجة لمن يعارضهم، مثل "حسين منتظري"، بل كان "خامنئي" الأنسب لهم، حتى لو كان وصوله للمنصب غير شرعي.. ليواصلوا مشاريعهم التوسعية، ويحافظوا على امتيازاتهم وثرواتهم التي كانت قد بدأت في التضخم..
أقر مجلس خبراء القيادة، بزعامة هاشمي رفسنجاني، تعيين "خامنئي" في منصب الولي الفقيه مؤقتًا، ثم عدلوا الدستور وحذفوا منه شرط المرجعية، وقاموا بعدها باعتماد "خامنئي" مرشدًا دائمًا..
بعد وصول "خامنئي" للسلطة، تضخمت ثروات الملالي، وعلى رأسهم هاشمي رفسنجاني، الذي لعب دورًا في تصعيد "خامنئي" إلى قمة السلطة رغم عدم أهليته..
أما "خامنئي"، فتربع على عرش الملالي الأثرياء، بإمبراطورية مالية تفوق تلك التي كان يملكها الشاه محمد رضا بهلوي، والتي بسببها أُسقط حكمه..
في المقابل، كان الفقر ينهش الإيرانيين.. وصلت نسبة الفقراء إلى 50 بالمائة، بينهم 20 بالمائة غارقين في الفقر المدقع.
لم يكن انتشار الفقر بسبب العقوبات الغربية كما يروج الملالي.. بل بسبب فساد السلطة ..
واصل الاقتصاد مسلسل الانهيار الذي بدأ منذ الخميني واستمر مع خامنئي، حتى وصل التضخم إلى 40%، وانهارت العملة المحلية مقابل الدولار بأكثر من 200%، بينما هيمن الملالي، والحرس الثوري على أغلب القطاعات الصناعية والمشاريع الكبرى، ما أدى لإفلاس أصحاب المشاريع والتجار الصغار.
وكان من الطبيعي أن تكون جمهورية الملالي ضمن أعلى دول العالم في معدلات الفساد، وفق تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2018 .
مع انهيار الاقتصاد، لم يوقف الملالي دعمهم للميليشيات الإرهابية في المنطقة، لتحقيق مشاريع توسعية قائمة على الإبادة والتهجير وإجراء عمليات تغيير ديمغرافية واسعة فيما يُعرف ببلدان الهلال الشيعي..
يصعب حصر التمويل الإيراني للميليشيات، لأنها تتم بطرق غير رسمية، لكن إجمالي التمويل يتراوح بين خمسة وسبعة مليارات دولارات سنويًا في فترات الهدوء النسبي بالمنطقة، وفق أستاذ الاقتصاد الإيراني البروفيسور إسماعيل حسين زاده.
وفي حالات تصاعد الصراعات بالمنطقة، ترتفع فاتورة التمويل الإيراني للميليشيات، كالحوثيين وحزب الله، إلى ما يتجاوز عشرة مليارات دولار سنويًا.
عجز "خامنئي" ورجاله عن تحسين حياة الإيرانيين على أي مستوى.. بل تسببوا في تفجير غضب الشارع..
فالأصولي أحمدي نجاد، سبق وأشعل ثورة شعبية بعد تزويره الانتخابات الرئاسية عام 2009..
منع "خامنئي" وصول الاصوليين لمنصب الرئاسة لامتصاص الغضب، وصعّد الإصلاحي حسن روحاني، الذي أسهب في الوعود..
لكن أيُا من تلك الوعود لم تتحقق.. بل قام روحاني بقطع الدعم عن قرابة 30 مليون إيراني، وفي المقابل، رفع ميزانية الحرس الثوري إلى الضعف.
تسببت سياسات روحاني في إشعال غضب الشارع، لتعم انتفاضة شاملة أغلب المحافظات الإيرانية، طالبت بإسقاط نظام الولي الفقيه..
كان انهيار الأوضاع سببًا في احتدام الصراع بين الطبقة الحاكمة، وتبادل الاتهامات بفشل النظام في تحسين حياة الإيرانيين..
انقلب "نجاد" على "خامنئي، وهاجمه بشكل مباشر..
وحين تعرض للقمع، هاجم السلطة القضائية علنًا..
أما حسن روحاني فحذر خامنئي من مصير الشاه..
ثلاثون عامًا على حكم "خامنئي"، ارتفع خلالها عدد الذين سقطوا تحت خط الفقر.. فيما زاد ثراء الملالي.. واشتدت القبضة الأمنية، في المقابل ارتفعت وتيرة الانتفاضات الشعبية التي أسقطت شرعية نظام الولي الفقيه..
تسير إيران على طريق الانفجار، ويبدو أن مصير الشاه، هو نفسه ما ينتظر "خامنئي"..
(نهاية)
الأحد, 8 يونيو 2025
