الخميس, 21 نوفمبر 2024

ماذا تريد إيران من الدول العربية؟!

6778 مشاهدة
منذ 7 سنوات

>> طهران عملت على استنزاف العرب في سوريا ومحاربتهم داخل عقر دارهم في اليمن وضرب استقرار البحرين والكويت

>> إيران تسعى من خلال مخططاتها لاستضعاف العرب إلى اقناع الغرب بأنها «الطرف الأقوى» الذي يمكن الاعتماد عليه إقليميا

 >>رئيس الاستخبارات السعودية السابق: «الملك فهد» كان يريد من إيران فقط «كف الأذى».. لكنها تريد أن تكون «إمبراطورية»

خاص – قناة المحمّرة| شريف عبد الحميد: في ظل التطورات الخطيرة الراهنة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، بات «سؤال الساعة» الذي يطرح نفسه بقوة هو: ماذا تريد إيران من الدول العربية؟ ولماذا تنّصب نفسها قاضيا ومعلما ومثلا سياسيا أعلى لهذه الدول، على اعتبار أن جيرانها العرب ربما «لم يخرجوا عن الطوق» بعد، رغم أن «الرسالة» التي تدعيها طهران نزلت أصلا على العرب! ولماذا لا تعيش إيران في أمن واستقرار، وتتخلى عن دور «الشيطان الأكبر»، ويتمتع شعبها كباقي الشعوب الأخرى بثروات وخيرات أوطانهم، وتكفّ أذاها عن جيرانها الذين تربطهم بها علاقات جيرة تاريخية حميمة من المفترض أنها تشفع لهم، باعتبارهم – على الأقل- حملة الرسالة السماوية التي يدعي «آيات الله» المزعومين التحدث بلسانها الآن؟ لا جدال أن إيران تبحث عن «دور» لها، لكنه دور أكبر بكثير من إمكاناتها الذاتية، وأشد خطرا مما نتصور، إذ تسعى طهران إلى استنزاف العرب في سوريا، ومحاربتهم داخل عقر دارهم في اليمن، وضرب الاستقرار في البحرين والكويت والسعودية، دون أي اعتبار لوحدة الدين أو مبدأ حسن الجوار. وفي هذا الصدد، تقول الأكاديمية الإمارتية د. موزة العبار "لقد كان بإمكان إيران على مدى العقود الماضية، وخاصة بعد أن استنزفت قواها المادية والبشرية في حربها مع العراق، أن تعيش بأمن واستقرار مع جيرانها، وألا تتسبب بهذه الفوضى، وأن ينعم شعبها بهذه الثروات، بدلاً من حرقها في تهديد المنطقة بالنووي والصراعات والفتن، واستدراج المنطقة لحروب بالوكالة ونزاعات مذهبية وطائفية، لا يعلم عواقبها إلا الخالق سبحانه وتعالى". إمبراطورية تَأْمُر ولا تُؤْمَر! ظلت منطقة الخليج العربي تنعم بقدر كبير من الاستقرار في ظل حكم الشاه السابق، رغم مطالبته بضم مملكة البحرين سنة 1970، ورغم قيام إيران تحت حكم الشاه باحتلال الجزر الإماراتية الثلاث «طمب الكبرى وطمب الصغرى وأبي موسى»، وكان السبب في ذلك يعود إلى علمانية الحكم في طهران خلال عهد الشاه، إضافة إلى علاقته الوطيدة مع دول الغرب بما فيها الولايات المتحدة، ومع دولتين عربيتين كبيرتين هما مصر والمملكة العربية السعودية؛ حيث قام «الملك فيصل» بعد توليه الحكم بثلاث سنوات بزيارة لإيران، وقد ترتب على هذه الزيارة توطيد العلاقة مع طهران، وموافقة إيران على دعوة الملك فيصل لإنشاء رابطة تجمع بين الدول الإسلامية، حيث حضر الملك فيصل والشاه لهذا الغرض مؤتمر القمة الإسلامية الذي عقد في المغرب سنة 1969، والذي وافق على إنشاء «منظمة المؤتمر الإسلامي»، والتي أصبح مسماها فيما بعد «منظمة التعاون الإسلامي». ولكن، بعد اندلاع ثورة 1979، بدأت إيران الجديدة تحت حكم «الملالي» في استفزاز العراق، وجرته إلى حرب استمرت 8 سنوات، استنزاف المنطقة وهددت استقرارها. وبعد سقوط حكم صدام حسين، دخلت إيران العراق بالتعاون مع الولايات المتحدة وقررت تغيير ديمغرافية البلاد وارتكبت جرائم التطهير العرقي والإرهاب وسفك الدماء من خلال المليشيات التابعة لها، وكذلك فعلت مع سوريا عبر تدميرها بصراعات طائفية ومحاولة إثارة الصراعات وكيل الاتهامات وانتهاك الأعراض. فضلا عما يجري في اليمن من تدخل وقمع وإدارة الحرب الدائرة هناك. وذلك كله من منطلقات طائفية مشبوهة. ولقد أدركت الدول العربية ذلك، ولم تستجب لاستفزازات إيران التي دخلت إيران في حرب فكرية للقضاء على منهج السنة، ما تسبب شق الصف الإسلامي، وجر العرب إلى حروب طائفية في العراق وسوريا واليمن، حيث تنفق طهران المليارات على بعثات وبرامج للتشيع وإثارة الخلافات والصراعات التاريخية، وجر الأمة إلى حروب باتت جزءا من الماضي. وللتدليل على نوايا العرب تجاه إيران، ذكر الأمير بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات السعودية السابق، في لقاء معه ضمن فيلم وثائقي أن العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز كان يريد من إيران فقط «كف الأذى"، غير أن طهران تنطلق تحت قيادة «نظام الملالي» من أطماع تاريخية، وتريد أن تكون امبراطورية تَأْمُر ولا تُؤْمَر، وتصير هي «المدبر الرئيسي» لكل صغيرة وكبيرة في العالم العربي، من العراق إلى سوريا إلى لبنان، وصولا إلى منطقة الخليج عبر بوابة اليمن، وهي لا تدعم الحقوق، بل تدعم أي أمر قد يعزز من الاضطراب الداخلي لهذه الدولة أو تلك. ورغم ذلك، أراد العرب مد يد التعاون وحسن الجوار، ولكن هذا المسعى قوبل من جانب طهران باللامبالاة والاستهتار والاستكبار، فتحولت المنطقة إلى منطقة صراع دموي وخلافات طائفية ومذهبية بعد أن كان الناس يعيشون فيها في وئام ووفاق. الدم والدمار والخراب يقول الكاتب الصحافي السعودي محمد المزيني إن "الحقيقة التي بدأت تتجلى واضحة للعيان بعدما لفتها حزمة من الشكوك، أن إيران المتسيسة ظاهريا بعباءة وعمامة دينية، أصبحت في سياساتها الداخلية والخارجية لا تنزع في ممارساتها إلى أدنى القيم الدينية، وإن كانت تضرب على شعبها طوقاً دينياً خانقاً، وتسخر كل الأنظمة والقوانين وفق أطماعها ورغباتها لقمعه وتجويعه، وسوقها في اتجاه واحد لخدمة النظام وأجهزته وحمايته من التحلل أو حتى الاختراق، ولا يتورع الملالي عن دس أنوفهم في الشأن العربي الإسلامي، رغم أن الداخل الإيراني نفسه على شفا حفرة من النار؛ فقد كشفت أحداث 2009 عمق الانهيار السياسي الذي تبوء به السياسة الإيرانية الداخلية". ولقد كان البديل المنطقي العقلاني أمام «الملالي»، في ظل هذا الوضع المضطرب، هو الانشغال بالداخل الإيراني، والانكفاء على الذات من أجل بناء إيران الغد، وبناء قوة حقيقية عسكرية ذاتية تحمي بها نفسها وجيرانها من أطماع الطامعين، غير أن حكام طهران أبوّا إلاّ أن يلعبوا دور «الشيطان الأكبر»! إن التحدي الراهن أمام إيران هو أن تكون «داخل حدودها» فقط. وإذا ما أصرت على التمدد خارج حدودها، فإن الصراع سيحتدم وإيران ستدفع الثمن، فقد دخلت طهران حربا ضد العراق وخسرت الكثير ولم تربح شيئا، وهي تدخل الآن حروبا باردة مع دول الخليج وغير الخليج، ومن ثم لا تجني من وراء ذلك سوى الدمار والخراب. ومن المؤكد أن إيران تسعى من خلال استضعاف دول المنطقة إلى اقناع الغرب بأنها «الطرف الأقوى» الذي يمكن الاعتماد عليه إقليميا. وهو ما يعني رغبة النظام الإيراني في أن تستعيد ايران «دور الشرطي» في المنطقة. وهي رغبة تكشف عن جهل ذلك النظام بأن الزمن تغير، وأن هناك دولا في المنطقة صار في إمكانها أن تردع إيران بقوة، وتحد من أطماعها، بل وتلقنها دروسا مؤلمة. وفي التحليل الأخير، فإن إيران تريد أن تصبح «دولة عظمى» على حساب الآخرين، ولكن ما هكذا تورد الإبل، كما يقول العرب القدماء، فهي لا تملك القدرة ولا التاريخ ولا العقيدة الصحيحة التي تمكنها من إقناع الناس بأنها «الدولة المثالية»، كما أن من يرد اكتساح الدول الأخرى بالدم والدمار والخراب كما فعل النازي أدولف هتلر يوما ما فلن يفلح، وهناك دول وحضارات سارت على هذا النهج البربري العدواني، فانتهت إلى مزبلة التاريخ.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *