الأحد, 1 ديسمبر 2024

قراءة في سير المجرمين| إبراهيم رئيسي.. «سفاح القضاء» المرشح لخلافة مرشد إيران«6»

4037 مشاهدة
منذ 7 سنوات

>> «رئيسي» كان عضوا في «لجنة الموت» التي أعدمت 30 ألف معارض

>> لا يُجيد «رئيسي» خلال مسيرته القضائية إلا أعمال القسوة الدموية في أكثر أشكالها بشاعة وقسوة

>> صحيفة «الغارديان» البريطانية: رجل الدين المحافظ سادن «العتبة الرضوية» هو المرشح الأوفر حظا لخلافة «خامنئي»

  خاص – قناة المحمّرة| شريف عبد الحميد: لا يُجيد إبراهيم رئيسي، سفاح القضاء المرشح لخلافة علي خامنئي مرشد إيران، إلا أعمال القسوة الدموية في أكثر أشكالها بشاعة وقسوة، فلم يردعه منصبه كقاض من المفترض فيه أن يكون أحد سدنة العدالة، عن ارتكاب أبشع الجرائم في التاريخ الإيراني الحديث، بإقراره عام 1988 إعدام أكثر من 30 ألف شخص من معارضي النظام، بينهم فتيات وشبان لم تتجاوز أعمارهم 17 عاما وقتها. ويتولى «رئيسي» حاليا ضمن مناصب عديدة، في صدارتها رئاسة «العتبة الرضوية» المؤسسة الدينية الأكبر والأكثر ثراء بين المجموعات الاقتصادية الإيرانية، والتي تجاوزت إيراداتها السنوية 210 مليارات دولار أمريكي وبلغت أرباحها الخالصة 160 مليار دولار، وهي تستثمر في مجالات صناعة الأدوية والزراعة والعقارات ووكالات السيارات الفارهة وقطاعي الطاقة والمعادن والصناعات الغذائية، كما أن المجموعة هي أكبر المستفيدين من السياحة الدينية في إيران التي تتجاوز 30 مليون سائح سنويا، وهي لا تدفع أي ضرائب على الإطلاق. أكبر جريمة في تاريخ إيران وُلد إبراهيم رئيس سادات، المعروف باسم إبراهيم رئيسي، في مدينة «مشهد» ذات الطابع الديني في 14 ديسمبر عام 1960، ودرس في الحوزات الشيعية بالمدينة حتى مرحلة «المقدمات»، ثم توجه وهو في الخامسة عشرة من عمره لدراسة الفقه بمدينة «قم»، حيث تتلمذ على أيدي كبار علماء الشيعة وقتها، ومنهم علي مشكيني ونوري الهمداني وفاضل لنكراني. وبعد أن أتمّ دراسة الفقه، واصل دراسته الجامعية في جامعة «الشهيد مطهري»، ونال منها درجة الدكتوراه في فرعي الفقه والحقوق. وشغل «رئيسي» مناصب عدة بعد ثورة 1979 التي كان أحد نشطائها الشبان، حيث شغل في العام التالي للثورة مباشرة 1980 منصب المدعي العام لمدينة «كرج» في ضواحي العاصمة طهران. وبعد خمس سنوات، تولى منصب نائب المدعي العام في العاصمة طهران. وفي عام 1988 كلّفه الخميني، مؤسس الجمهورية، بالبت في العديد من الملفات القضائية لمحافظات «رستان وسمنان وكرمانشاه». وفي نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وبينما كان «رئيسي» نائبا للمدعي العام في طهران، عيّنه الخميني مع 3 قضاة آخرين من رجال الدين أعضاء في «لجنة الموت» التي أعدمت 30 ألف سجين سياسي من المعارضين لنظام الملالي الحاكم. وهذه المجزرة البشعة لم يُكشف النقاب عنها إلا بعد 28 عاما من ذلك التاريخ. وشكلت إعدامات عام 1988 نقطة تحول كبرى في تاريخ البلاد، حيث كان أول من احتج عليها حسن علي منتظري، نائب خامنئي. وقال «منتظري" خلال مناسبة عامة في تسجيل صوتي أذيع العام الماضي 2016 موجها كلامه للحاضرين وكان منهم «رئيسي»: "إنكم ارتكبتم أكبر جريمة في تاريخ الجمهورية الإيرانية"، محذراً من أن التاريخ سيعتبر الخميني رجلا مجرما ودمويا، وأدى هذا لاحقا إلى إقالة «منتظري» من منصبه من قبل الخميني، وخضوعه للإقامة الجبرية لمدة 5 سنوات، ثم اضطراره للعيش في الظل حتى وفاته مغضوبا عليه من الملالي عام 2009. صعود سياسي وجرائم دموية أهلّت عضوية «رئيسي» في «لجنة الموت» التدرج في مناصب قضائية عليا في النظام، فبعد رحيل الخميني عام 1989، عُيّن «رئيسي» في منصب المدعي العام لطهران بأمر من آية الله يزدي، رئيس السلطة القضائية آنذاك، وبقي في هذا المنصب حتى عام 1994. ثم تولى منصب رئيس دائرة التفتيش العامة في البلاد حتى عام 2004، ثم شغل رئيسي بين 2004 و2014 منصب النائب الأول لرئيس السلطة القضائية إبّان رئاسة الهاشمي الشاهرودي، والمرحلة الأولى من رئاسة آملي لاريجاني، ثم تم تعيينه في منصب المدعى العام في إيران. كما صدر في 16 يونيو 2012 حكم من قبل قائد الثورة بتعيين رئيسي كنائب أول لرئيس السلطة القضائية في المحكمة الخاصة برجال الدين مع الاحتفاظ بمنصب المدعي العام. وواصل الرجل بعد ذلك صعوده السياسي مكافأةً لجرائمه الدموية في حق المعارضين، حتى ترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي أُجريت في 19 مايو الماضي، لكنه خرج منها صفر اليدين، حيث فاز بالمنصب الرئيس الحالي حسن روحاني. ولم يعرف الكثير عن أهواء «رئيسي» السياسية خارج المهام القضائية التي تولاها بجدارة. ومن بين رجال السلطة الإيرانية، فهو الأقل نشاطا على مستوى الخطابات السياسية وظهورا في المناسبات العامة، حيث اشتهر الرجل بأنه أكثر رجال الدين تشددا، قبل أن يدخل أخيرا بورصة المنافسة على منصب المرشد. ولوحظ خلال الأعوام الأخيرة تقارب كبير بينه وبين قوات «الحرس الثوري» القوة الضاربة في البلاد، وأعطى لقاء «رئيسي» مع قادة «الحرس» في أبريل 2016 دليلا آخر على توجهه الجديد. وخلال هذا اللقاء، أشاد الرجل بمواقف حسن نصر الله زعيم مليشيا «حزب الله» في تبعيته لمبدأ ولاية الفقيه، منتقدا بشدة بعض من «يخذلون النظام» داخل إيران نفسها. وفي يناير الماضي، نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية تقرير إخباريا تناول هوية الخليفة المحتمل للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. وجاء في التقرير الذي حمل عنوان «المحافظ الذي قد يكون المرشد الأعلى القادم لإيران»، أن  رجل الدين المحافظ الأوفر حظا لخلافة خامنئي، هو إبراهيم رئيسي، حيث يجري في طهران حاليا إعداد «رئيسي» ليكون خلفا لخامنئي المريض، والبالغ 77 عاما. وأشار تقرير «الغارديان» إلى أن "لدى رئيسي روابط وثيقة جدا بلاعبين بارزين في إيران، من المرشد الأعلى نفسه إلى الحرس الثوري، مؤكدا أن كل الدلائل تشير إلى تزايد الفرص ليصبح الزعيم الأعلى المقبل للبلاد. ونقل عن مستشار إيران السابق في وزارة الخارجية البريطانية، حسين رسام، أن رئيسي هو "الوصي على ضريح يقصده الملايين من الزوار الشيعة كل عام، وأعتقد أن هذا أمر مهم للغاية، ويقدر بما يقرب من 30 مليون حاج يأتون لزيارة الإمام الرضا كل عام". ولكنّ رسام عبر عن قلقه من أن دور رئيسي في الإعدام الجماعي للمعارضين السياسيين في 1980، من الممكن أن يضر بموقفه. ونقل التقرير عن محسن كديور، الذي يدرس في حوزة قم، أن فرصة رئيسي تتزايد في الحصول على منصب المرشد، منوها إلى أن علاقاته مع «الحرس الثوري» ووكالات المخابرات والمقربين من خامنئي، بمن فيهم ابنه «مجتبى» صاحب النفوذ الكبير في البلاد، جعلت «رئيسي» المرشح الأوفر حظا ليكون المرشد الأعلى المقبل. ولكن لماذا يحظى «رئيسي» بدعم خامنئي و«الحرس الثوري»؟ يجيب التقرير أن أسباب ذلك تعود إلى الشعور المتزايد لهذين القطبين المتنفذين في السلطة بأن «ولاية الفقيه» ماتت من الناحية العملية وباتت الحاجة ملحة لإحيائها، و«رئيسي» هو أفضل من يقوم بالمهمة استنادا إلى سجله الحافل في خدمة النظام. ويرى المراقبون السياسيون وخبراء الشأن الإيراني أن هناك عدة مؤشرات تؤكد صحة ما يتردد بشأن ترشيح «رئيسي» ليكون المرشد الجديد للبلاد، المؤشر الأول هو تحوّل لقبه الديني المعتمد رسميا بشكل مفاجئ من «حجة الله" إلى «آية الله»، وهو اللقب الجديد الذي رددته وسائل إعلام «الحرس الثوري» بعد أيام من تعيينه في رئاسة «العتبة الرضوية»، كما أن الإعلان عن تدريس «رئيسي» لمادة «فقه الخارج» في الحوزة العلمية بمدينة مشهد، وهي من أعلى الدروس الحوزية، يعني حيازته الشروط الدينية اللازمة لتولى منصب المرشد.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *