الخميس, 21 نوفمبر 2024

طابور إيران الخامس| موريتانيا.. عملاء في «بلد المليون شاعر» (13)

6312 مشاهدة
منذ 7 سنوات

>> إحصاءات غير رسمية: عدد الموريتانيين الذين تحولوا إلى المذهب الشيعي حوالي 45 ألف شخص

 >>مفتي البلاد: يتوجب على النظام الحاكم أن يدرك حجم الخطر المحدق بالبلاد ويقف في وجه «المد الإيراني»

>> مستشار سابق برئاسة الجمهورية الموريتانية ينشط في مجال نشر التشيع على نطاق واسع في البلاد

  خاص – قناة المحمّرة| شريف عبد الحميد: هذه هي الحلقة الثالثة عشرة من الملف الكاشف «طابور إيران الخامس في الوطن العربي»، والذي بدأناه بعملاء طهران الناشطين في مصر، ثم الكويت والبحرين والسعودية والعراق والجزائر والمغرب وقطاع غزة واليمن والسودان ولبنان والأردن، تليها هذه الحلقة عن عملاء إيران في موريتانيا، كجزء من المخططات الإيرانية الشيطانية التي تستهدف الدول العربية عامة: سعت إيران منذ سنوات طويلة لاختراق موريتانيا «بلد المليون شاعر»، المنفتح، والمتسامح دينيا، اعتمادا على عدة سبل مشروعة وغير مشروعة، منها تكريس نشاط العملاء والدعم الاقتصادي وتدشين الجمعيات الخيرية ذات الأهداف السياسية تحت غطاء إنساني، فضلا الترويج للمذهب الشيعي، وذلك كله ضمن استراتيجية توسعية كبرى تشمل دول المغرب العربي ومنطقة الساحل الصحراء وغرب أفريقيا. وعلى مدار تاريخها الطويل لم يكن للتشيع نفوذ على أرض موريتانيا، فهي - تاريخيا- أرض سنية مالكية المذهب، ولكن تطورات سياسية لاحقة هي التي قادت إلى تنامي نفوذ التشيع المدعوم سياسيا من الدولة الإيرانية في البلاد، كما أدى زيادة نفوذ التجار اللبنانيين في البلاد، وعلاقات «نواكشوط" التجارية مع السنغال التي تنامى فيها التشيع خلال العقود الأخيرة بشكل غير مسبوق، إلى التأثير على التركيبة المتناغمة للمجتمع الموريتاني خلال السنوات الأخيرة. في مواجهة المد الشيعي كان المشايخ والعلماء الموريتانيين في طليعة المواجهين لهذا المد الشيعي في البلاد، خصوصا بعد أن قطع الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطايع العلاقات الدبلوماسية مع طهران عام 1996 دعما لدولة الإمارات العربية المتحدة ضد الاحتلال إيراني لأراضيها في جزر «طنب الكبرى والصغرى وأبو موسي». غير أن التغيرات السياسية التي حدثت في البلاد بعد ذلك ساهمت في ازدياد أعداد الشيعة، وغض الطرف من الحكومة الرسمية عنهم، ففي عام 2008 قام محمد ولد عبدالعزيز بالانقلاب على سلفه محمد ولد الشيخ عبدالله، أول رئيس مدني منتخب في البلاد، أن قام الأخير بعزله من رئاسة الحرس الرئاسي. ووجد الجنرال «ولد عبدالعزيز» نفسه معزولا سياسيا بعد الانقلاب العسكري، حيث فرضت الدول الأوروبية ومؤسسات التمويل الدولية الداعم الرئيس للاقتصاد الموريتاني عقوبات مالية على السلطة الانقلابية، وجمدت دول الخليج مساعداتها وقروضها المالية للحكومة الموريتانية. وللخروج من الأزمة الاقتصادية والعزلة الدبلوماسية المفروضة عليه، توجه الجنرال «ولد عبد العزيز» صوب إيران المعادية للدول الخليجية، للحصول منها على الدعم المالي. فتم استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الجمهوريتين الموريتانية والإيرانية. ومنحت إيران للنظام الموريتاني في ديسمبر 2008 مبلغ 100 مليون دولار أمريكي لدعم الخزينة الموريتانية التي كانت في حالة عجز بسبب انقطاع القروض والمساعدات المالية العربية والأوروبية. وفي مارس 2010 زار «ولد عبد العزيز» طهران، وأعلن عن دعم بلاده لها في خلافها مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي وتنسيق البلدين لمواقفهما في المحافل الدولية. وبعد الزيارة منحت إيران لموريتانيا عبر «المصرف الإيراني للتنمية والتصدير» سلسلة قروض مالية لإقامة مشاريع تنموية، تشمل النقل البري وشق الطرقات وإنشاء السدود وإدارة الموارد المائية في المناطق الزراعية. وبعد هذا التقارب، غضت السلطات الموريتانية الطرف عن التوسع الإيراني في البلاد عبر نشر التشيع، ليس عن طريق المؤسسات غير الحكومية المدعومة منها، بل أيضًا بدعم من السفارة الإيرانية في العاصمة «نواكشوط». في المقابل، تعالت أصوات علماء الدين في البلاد طلبا لمواجهة نشر التشيع، إلا أن السلطة التي حصلت على الأموال لم تكن عازمة على «إغضاب من يمولها بالمال»، حيث استغلت طهران الفقر المدقع الذي يعيش فيه كثير من الموريتانيين في نشر التشيع، كما استغلت حب الشعب للدين وآل البيت، رضوان الله عليهم، كطريقة مبدئية لنشر التشيع، وهو ما مهد لها الطريق، كما أنها عبر استخدام عدد من التجار الذين ينتشرون في غرب أفريقيا استطاعت تجنيد عملاء وأتباع لها في البلاد. وهكذا، صار الحديث عن خطر التشيع ليس محض كلمات مرسلة، إنما هو مشروع حقيقي انطلق مع الثورة الخُمينية عام 1979، التي جاءت بمشروع «الإمبراطورية الفارسية» للسيطرة على العالم العربي، ومن ثم إفريقيا. رجال إيران في موريتانيا كشفت دراسة سرية أصدرتها جهات شيعية لبنانية تابعة لـ«حزب الله»، عن أسرار قيام مؤسسات موريتانية بالعمل مع جهات إيرانية رسمية وأهلية، من أجل تشييع أكبر عدد ممكن من الموريتانيين، وبث عملاء طهران في كل أنحاء البلاد، وتقدّر بعض الإحصاءات غير الرسمية عدد الموريتانيين الذين تحولوا إلى المذهب الشيعي بحوالي 45 ألف شخص. ورأت الدراسة أنه "يمكن أن تتحول موريتانيا إلى بلد شيعي، كما يمكن للعمل الشيعي أن يؤتي ثماره في الوقت الحاضر إذا وجد تنظيما مناسبا أن يعوض تراجع التشيع في المغرب، وذلك من خلال جهود التنظيم والتأطير وزيادة الحضور في الميادين الثقافية الدعوية والإعلامية والاجتماعية الخيرية والاقتصادية". وأوردت الدراسة ما اعتبرته «عقبات» ترى أنها تقف في وجه انتشار التشيع في موريتانيا، ومنها "مشاكل التنظيم، والتأطير، وتوفير المؤسسات اللازمة"، واصفة هذه العقبات بأنها "من المشاكل الأبرز أمام الشيعة الموريتانيين حتى يتمكنوا من فرض وجودهم على الخارطة الثقافية والدعوية والسياسية والاقتصادية للبلاد". كما رأت الدراسة أن من بين هذه المشاكل والعقبات أيضا "عدم وجود حوزة علمية تؤطر وتنسق عمل الفاعلين الأساسيين في الساحة الموريتانية، وغياب استراتيجية مناسبة لربط وتأطير الشيعة من خلال مؤسسات رسمية لتنظيمهم وتوفير المساجد والمدارس والمراكز والكتب بهدف تحقيق ذلك، والافتقار إلى قيادات دينية وفكرية قادرة على تنظيم العمل الشيعي وعلى التخطيط والتنفيذ وبما يناسب الحاجات والتحديات". وتضم قائمة «رجال إيران» في موريتانيا، أسماء عديدة أبرزها أحمد يحيى بن بلا، وهو ناشط معروف في البلاد، ممن يعلنون تشيعهم ويكتبون القصائد في مدح الشيعة، وقد استطاع «بن بلا» جلب عدد كبير من المنخرطين الجدد في المذهب الشيعي. أما محمد شريف حيدره فهو مستشار سابق برئاسة الجمهورية الموريتانية، أنشأ معهدا باسم «معهد الإمام علي» ينشط في مجال نشر التشيع على نطاق واسع في البلاد، وهو من أخطر جال إيران في موريتانيا على الإطلاق. وثالث العملاء الإيرانيين هو بكار ولد بكار، الذي يعتبر من أبرز ممثليهم في موريتانيا، ويعمل بكار على فبركة أخبار عن نشاطات وهمية للشيعة وينشرها في صحف موريتانيا قبل أن يرسلها إلى مراجع شيعية في العراق للحصول على الدعم المالي، كما استطاع «بكار» تنظيم عدة احتفاليات شيعية في موريتانيا، إضافة إلى تسيير رحلات للمتشيعين إلى العراق. وخلال الأعوام الأخيرة، بات التشيع يتغلغل بشكل سريع في موريتانيا، وهو ما دفع أحمدو ولد المرابط ولد حبيب الرحمن، مفتي البلاد، إلى التحذير من خطر المد الشيعي. وقال المفتي في تصريحات أدلى بها في سبتمبر 2016، إن "المذهب الشيعي أصبح ينتشر في موريتانيا بشكل سريع ومتزايد وإن معطيات وصلته من شخصيات ثقات تؤكد أن المذهب الشيعي ينشط بقوة في البلاد، داعيا الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف المد الشيعي في البلاد. وأكد "ولد حبيب الرحمن" أنه "يتوجب على النظام الحاكم في موريتانيا أن يدرك حجم الخطر المحدق بالبلاد ويقف في وجه المد الإيراني، فهذا الشعب كما هو حريص على إصلاح دنياه، فهو حريص أيضا على إصلاح دينه، والمعتقد الرافضي القائم على ولاية الفقيه معلوم أنه معتقد فاسد".

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *