حماس في الصندوق الايراني
إن حركة حماس الفلسطينية المنبعثة من جماعة الاخوان المسلمين تعد احد حركات الاسلام السياسي البارزة في العصر الراهن , فهي الى جانب كونها حركة مسلحة تطالب بتحرير ما تبقى من الاراضي الفلسطنينية المحتلة عام 67, فانها ايضا تعمل على قيام نظام سياسي فلسطيني يتوافق مع انتماءها العقدي و رؤيتها الفكرية.
طوال العقود الماضيين, مارست حركة حماس المعترك السياسي داخليا و خارجيا بمنهجية متقلبة تضع المصلحة التنظيمة فوق الاعتبارات الوطنية و الشعارات الدينية التي ترفعها.
بعد استشهاد الشيخ احمد ياسين والدكتور عبدالعزيز الرنتيسي ,وما تبعهم من تصفيات سياسية لقادة عرفوا بمواقفهم الاسلامية الرافضة للتعامل مع ايران , طفى على سطح الحركة تيار الانتهازية السياسية الذي مهد لايران اختراق ابواب حماس .
عمل تيار الانتهازية السياسية في حماس على عزل الحركة عن محيطها الفلسطيني والعربي والاسلامي و ربطها كليا بالمحور الايراني حتى تحولت الى أداة ايرانية شأنها كشأن سائر الحركات والمليشيات الشيعية الموالية لطهران ...
اتخذ" تيار الانتهازية السياسية" من موضوع الخلاف بين حماس وحركة فتح من جهة, ومن الحصار الاسرائيلي لغزة من جهة اخرى شماعة للارتماء باحضان ايران , كما تعمد عرقلة جميع الوساطات و إضاعة الفرص التي اتيحت لحل الخلاف بين حماس و فتح والتوصل الى اتفاق لانهاء الحصار الاسرائيلي الجائر على غزة .
طوال مدة عقدين من الزمن و قادة التيار الانتهازي في حماس يبررون ولاءهم لايران بالدعم الذي يقدمه نظام الملالي للحركة وكانت هذه الحجة سببا لاسكات الكثير من المتعاطف مع حماس عن تبعيتها لايران , لكن التصريحات التي صدرت عن هؤلاء الانتهازيون بعد مقتل قائد فليق القدس الارهابي قاسم سليماني, غيرت مواقف الكثير من المتعاطفين مع الحركة حيث رأوا ان تلك التصريحات التي تصف المجرم سليماني" بشهيد القدس " , انما هي خروج عن الخط الاسلامي لحماس و خيانة عظمى لاروح مئات الالاف من المسلمين في العراق والشام واليمن الذين كان الهالك سليماني مسؤولا عن قتلهم, ناهيك عن مسؤوليته في تهجير ملايين اخرين من المسلمين ...
ان ما اثار استغراب المتعاطفين مع حماس هو خلع قادة الحركة لثوب التقية والكشف عن وجههم الحقيقي فيما يخص علاقتهم بايران, حيث صرح هؤلاء الانتهازيون خلال كلماتهم التي القوها في تشييع الهالك سليماني ان علاقة حماس بايران ابعد من مجرد دعم مادي او عسكري تقدمه طهران للحركة, انما علاقة هي علاقة فكرية و استراتيجية , حسب اعترافهم...
ان هذا الاعتراف الصريح من قادة تيار الانتهازية بشأن علاقة حماس بايران يفسر الاسباب التي دفعت الحركة للسماح بالنشاط الدعوي لنظام طهران في غزة لنشر عقيدته الصفوية المعادية للعقيدة والامة الاسلامية , ويفسر امورا عديدة اخرى من بينها ايضا, قيام حماس بين فترة واخرى بافتعال معركة عسكرية مع كيان الاسرائيلي غير مدروسة العواقب كان دائما الخاسر الاوحد فيها الشعب الفلسطيني, والرابح منها النظام الايراني ....
يتسائل المتعاطفون مع حماس ايضا , كيف استطاع قادة الحركة ايجاد الاعذار لانفسهم لتبرير تبعيتهم لايران ولكنهم عجزوا عن ايجاد مبرر واحد يدفعهم لانهاء الانقسام و توحيد الصف الفلسطيني , او ايجاد مبرر واحد يدفعهم للتصالح مع دول الخليج العربي التي لم يتوقف دعمها يوما للشعب الفلسطيني ؟. .
الجمعة, 27 ديسمبر 2024