الجمعة, 18 أكتوبر 2024

العراق:حرب الاشقاء في المنطقة الخضراء

العراق:حرب الاشقاء في المنطقة الخضراء

255 مشاهدة
منذ سنتين

حرب الاشقاء في المنطقة الخضراء

مع دخول الاحتلال الغربي للعراق عام 2003 شهد هذا البلد، الذي كان مثالا في السلم المجتمعي، شهد صراع قل نظيره في المنطقة العربية. لقد كان الصراع في بدايته بين المؤيد والمقاومة للاحتلال ثم ما لبيث ان انتقل الى صراع طائفي سالت فيه أنهر من الدماء وشهد فيه المجتمع العراقي انقساما غير مسبوق..

بحكم التأييد والمناصرة التي ابدتها للاحتلال الغربي، تمكنت الجماعات الطائفية المدعومة إيرانيا من الهيمنة على السلطة وابتلاع الدولة العراقية وتحويلها الى دولة هشة تحكمها المليشيات وتتقاسم ثرواتها، كل حسب حجمه وقوته، وذلك برعاية من إيران وعدم اكتراث من قبل المجتمع الدولي..

لقد بذلت بعض الدول العربية مساعي حثيثة لانتشال العراق من أزمته السياسية، سوآءا عبر جمع الفرقاء تارة او عبر تقديم المساعدات الإنسانية والاقتصادية تارة أخرى لكن جميع هذه المساعي لم تحقق شيئا على ارض الواقع لأنها كانت تصطدم بالموقف الإيراني الرافض لإعادة العراق الى حاضنته العربية. فتأهيل العراق ليكون دولة قوية وذات سيادة مستقلة يعني خسارة لإيران الساعية الى إبقاء العراق على ما هو عليه لجعله جسرا لمشروعها الطائفي في المنطقة..

لقد ادى مقتل الجنرال الإرهابي "قاسم سليماني" الذي كان يعد الحاكم الفعلي للعراق الى ضعف القبضة الإيرانية على هذا البلد مما سهل ذلك على خروج تيار جديد تحت مسمى" ثوار تشرين " وقد خرج بمظاهرات في بغداد والمحافظات الجنوبية احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والفساد المالي والإداري وهيمنة المليشيات وتطالب بإسقاط نظام المحاصصة الطائفية. وقد تصدى اشقاء الامس المتأطرين باسم "البيت الشيعي " لهذه الثورة وقاموا بقمعها واخمادها..

رغم الائتلاف الذي كان يجمعهم تحت مسمى "البيت الشيعي " الا ان الصراع على السلطة والتنافس على المغانم كان شائعا بين أعضاء هذه البيت الطائفي، ولكن قبضة إيران القوية في ظل وجود قاسم سليماني كانت حاجبا لظهور هذا الصراع الى العلن، ولكن بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في نوفمبر2021 وفوز التيار الصدري باغلب مقاعد البرلمان وذهابه الى التحالف مع الاكراد والعرب السنة قد فجرت الصراع في البيت الطائفي واخرجته من الدهاليز المغلقة الى ساحة المنطقة الخضراء..

عند توليه منصب رئاسة الوزراء في عام 2008 اصطدم نوري المالكي بمليشيا جيش مهدي التابع للتيار الصدري الذي كان متمردا على قراراته، فبعد فشل الوساطات بينهم قرر المالكي، بملاحقة جيش المهدي وأطلق ضده عملية عسكرية سميت بـ "صولة الفرسان" سقط خلالها أكثر من 1500 قتيل واجبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على مغادرة العراق نحو إيران. ومنذ ذلك الحين والعداء يستفحل يوما بعد يوم بين المالكي وحزب الدعوة وحلفاءه من جهة، والتيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر من جهة أخرى..

بعد وقوف نوري المالكي والإطار التنسيقي المتحالف معه ضد تحالف التيار الصدري مع الاكراد والعرب السنة، ومنع تشكيل حكومة عراقية جديدة مبنية على شركة وطنية، فقد أعلن التيار الصدري انسحابه من البرلمان ووقف متربصا للمالكي والإطار التنسيقي وجاءت التسريبات الصوتية الأخيرة لنوري المالكي الذي يتهجم فيها على مقتدى الصدر والتيار الصدري لتصب الزيت على النار وتدفع بالتيار الصدري للنزول الشارع ودخول المنطقة الخضراء..

تزامن دخول انصار التيار الصدري الى المنطقة الخضراء في بغداد والاعتصام في مجلس النواب مع بداية شهر محرم وانطلاق مراسم عاشوراء الذي يسمى في الادبيات الشيعية بشهر الدم. فهل  تتحول المنطقة الخضراء الى كربلاء أخرى ؟..   

 

 

 

 

 

 

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *