كتب - صباح المسوي*
الظلم لا يثني المظلوم عن المطالبة بحقه و"القتل لا يوقف حركة التاريخ" فدورة التاريخ من سنن الحياة .
لقد شهد العالم عبر القرون الطويلة الماضية جرائم إبادة بشرية بشعة قامت بها دول وإمبراطوريات شتى, وأنظمة دكتاتورية عدة, اركتبت أبشع وأشنع مظاهر الظلم والطغيان ولكن جميعها كان مصيرها الزوال والفناء, ولم تكن بلاد فارس بمنأى عن ذلك. فقد شهدت هي الأخرى إمبراطوريات وأنظمة أقل ما اتصفت به أنها كانت ظالمة ومتجبرة. ولعل في الدول "الصفوية والقاجارية والبهلوية" التي ظهرت في العهود القريبة الماضية خير مثال على ذلك, ومن المؤكد أن نظام الخميني الذي يحكم إيران منذ من ثلاثة عقود ونيف لم ولن يكون مستثنى عن تلك الدول والأنظمة التي أصبحت في مزبلة التاريخ. وذلك لما لهذا النظام من صفحة سوداء في تاريخ البشيرية عامة وتاريخ إيران الحديث خاصة.
لقد اعتاد نظام الخميني على ارتكاب المجازر وقمع الشعوب المتعددة في إيران للحفاظ على وجوده ودوام سلطته واستمرار دولته الطائفية ولكن هل يتمكن هذا النظام من تحقيق حلم بقاءه إلى ما لا نهاية ؟.
كلا وأبدا فهذا يخالف منطق التاريخ وسنة الكون التي سنها الله جل جلاله فهو القائل وقد صدق قوله: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) آل عمران 140. إذن إنما هي الأيام وهي يوم لك ويوم عليك. وقال سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم.
إن القمع والاضطهاد الذي يمارسه نظام الخميني ضد أبناء الشعوب في إيران عامة وضد الشعب الأحوازي خاصة ليس إلا واحدة من تلك المظاهر التي تجعل من هذا النظام رقما في سجل الدول والأنظمة التي خلدها التاريخ في صفحاته السوداء. فما أقدم عليه نظام الخميني من إعدامات واغتيالات بحق أعداد كبيرة من المناضلين الأحوازيين ليس سوى حلقة في مسلسل طويل من الإعدامات والانتهاكات الإنسانية بحق الشعب العربي الأحوازي المضطهد.
إن حكام إيران الذين استرخصوا أرواح البشرية عامة وأرواح الشعوب الإيرانية خاصة، يتجاهلون كليا ما يدور حولهم من ثورات وانتفاضات على الظلم والطغيان الذي ارتكبه أقرانهم من الأنظمة التي كانت تمارس القتل والإعدامات والاضطهاد وسيلة للحفاظ على ديمومة كراسيها.
لقد تناسى نظام الملالي أن الثورة الشعبية العارمة التي قام بها الشعب السوري على نظام بشار المجرم, الحليف الأكبر لنظام الملالي في المنطقة, إن هذه الثورة لم تكن لتندلع لولا الظلم والاضطهاد الذي مارسه الفاني حافظ الأسد ومن بعده ابنه وخليفته الجزار بشار المجرم. ويتجاهلون كليا مصير الظلمة والطواغيت الآخرين الذين مارسوا أنواع شتى من الظلم والاضطهاد بحق شعوبهم وشعوب المنطقة وكانت نهايتهم أن أصبحوا بين معدوم وقتيل وسجين وهارب ذليل. وقبل هذا كله يتناسى قادة النظام الإيراني أن ثورة الشعوب الإيرانية عام 1979م التي جاءت بهم إلى كرسي الحكم ما كانت لتحدث لولا ظلم وطغيان الشاه البهلوي بحق هذه الشعوب .
فإذا كانت كل هذه الأحداث لا تشكل عبرة لهؤلاء الملالي المتجبرين فما هي العبرة التي تلفت أنظارهم وتعيدهم إلى رشدهم، إن كان فيهم بقايا من الرشد أصلا.
ومما لا شك فيه أن الشعب العربي الأحوازي الذي وقع عام1925 تحت احتلال الدولة الإيرانية ليس المرة الأولى التي يتعرض فيها أحد أبنائه إلى القتل والاغتيال والإعدام على يد النظام الإيراني، فقد ارتكب "رضا شاه بهلوي" في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي مجازر عدة بحق هذا الشعب، وحين تم عزله بواسطة الإنجليز وخلفه ابنه المقبور "محمدرضا بهلوي" سار هذا الولد المتجبر هو الآخر على نفس النهج والمنوال الذي كان عليه أبوه في ارتكاب الجرائم بحق الشعب الأحوازي . وهذا ما فعله ويفعله اليوم نظام الخميني بحق الشعب الأحوازي. ولكن هل استطاع نظام البهلوي في عهدي الأب والابن ( رضا ومحمد رضا ) من وقف مطالب الشعب الأحوازي العادلة ونضاله المشروع من أجل استعادة حقوقه المغتصبة ؟.
طبعا لا و لهذا فإن ما ارتكبه الخميني من مجازر في مذبحة المحمّرة في 30 أيار عام 1979م والتي سميت بالأربعاء السوداء وما ارتكبه من مجزرة في أيار 1985 وما قام به من قمع لانتفاضة 2005,وما بينهما وما بعدهما من مجازر لم توقف مطالب الشعب الأحوازي بحقوقه المشروعة .
فالإعدامات والاغتيالات التي يرتكبها نظام الملالي والتي كان من بينها جريمة اغتيال القيادي الأحوازي المناضل "أحمد مولى النيسي"( أبوناهض), لم ولن توقف حركة الشعب الأحوازي المطالبة بالعدالة والمساواة. وذلك لأن مسلسل الإعدامات والاغتيالات الذي تشهده الأحواز ليس بالأمر الجديد على أبناء هذا الشعب، ولن يكون عامل تخويف ورادع لهم، بقدر ما هو وقود لثورتهم التي لاشك إنها سوف تنتصر وإن اشتد الظلم والاضطهاد.
فظلم نظام الملالي لا يوقف حركة التاريخ في الأحواز.
*المنسق العام لمؤتمر نصرة الشعب العربي الأحوازي
الجمعة, 22 نوفمبر 2024