على الرغم من محاولة توسعها الطائفي في محيطها العربي الإقليمي، لم تكتف إيرن بذلك، فحطت قوافلها بعيدا جدا عن مجالها الحدودي.
هنا وسط القارة الإفريقية، حيث تتنقل قوافل إيران بسلاسة بين دول المنطقة، تنشر التشيع الصفوي، وتعزز النفوذ السياسي والاقتصادي.
الجامعات.. روافع التشيع
نيجيريا، هي الدولة الإفريقية الأكبر من حيث عدد السكان، من على أرضها يعلن السفير الإيراني لديها، مرتضى رحيمي زراتشي، قبل فترة، الحصول على التراخيص والموافقات لإنشاء جامعة إيرانية في العاصمة أبوجا.
لكن السفير يضيف بأنه تم توقيع صفقة جديدة تمكن بلاده من فتح بعض فروع الجامعات الإيرانية في نيجيريا.
ليس ذلك فحسب، بل إن المراقبين يصفون التمدد الإيراني في نيجيريا بأنه الأكثر تناميا، حتى صاروا يقولون إن الوجود الإيراني الشيعي هناك يمثل دولة جديدة تولد على أرض نيجيريا الاتحادية.
جيش المهدي.. حزب الله في إفريقية
وتعد مدينة كادونا المعقل الرئيسي لأتباع إيران في نيجيريا، وفي السنوات الأخيرة، تزايدت حركة أعداد هؤلاء الأتباع، واتسع نطاقها بعد أن كانت مجرد حركة واحدة صغيرة ومحدودة، وذلك بالتزامن مع تحول الاهتمام الإعلامي في البلاد إلى حركة بوكو حرام.
وكانت أولى ثمار توسع تلك الحركات إنشاء ما يعرف بجيش المهدي في نيجيريا على غرار حزب الله الإرهابي في لبنان، حتى يكون أداة عسكرية لإيران تنطلق في أعماق القارة السمراء وأطرافها، ويتم ذلك دون وجود رقابة من السلطات الحاكمة.
المفاجأة الكبرى فجرها مفتي بروندي أبو بكر السلاوي، حين أعلن أن إيران وظفت أعدادا كبيرة من الشباب الإفريقي في نيجيريا، بعد تدريبهم في إيران على فنون القتال العسكري، ليكونوا نواة لجيش جديد موالي لإيران، مضيفا أن الوجود الإيراني قد أصبح حقيقة في دول إفريقية عديدة، من بين تلك الدول كما يقول نيجيريا والكونكو.
سبق ذلك الجيش، حركة "زاكزاكي"، التي أسسها وتزعمها إبراهيم يعقوب زاكزاكي، الذي يعرف بأنه زعيم الشيعة في نيجيريا، منذ عام 1979، بعد أن شجعت الدعاية الإيرانية "زاكزاكي" على الإيمان بما وصفها الصحوة الشيعية على حد زعمه، معتقدا أن ما جرى في إيران عام 1979 يمكن أيضا أن يصل إلى نيجيريا.
لغة الأرقام تقول إن عدد سكان نيجيريا بلع 150 مليونا، 55% منهم مسلمون، ولم تعرف نييجريا العقيدة الشيعية قبل اندلاع ثورة الخميني في عام 1979، وتشير التقديرات إلى أن أعداد الشيعة في نيجيريا في تزايد مضطرد، نيجيريا إذن أمام خيارات غامضة ومهولة إثر التوغل الإيراني.
الخطة باء..
بالنسبة لإيران، حين يتعذر تنفيد الأجندات عبر المليشيات، لا يتوقف العمل، بل يتم اللجوء للخطة باء، وهي التأثير الاقتصادي، أي التأثير من خلال رأس المال، ومعروف أن آلاف المنتسبين للعقيدة الشعية يقيمون منذ سنوات في كثير من دول القارة السمراء، وهم متنفذون في أسواق المال، ويتحكمون في المشهد السياسي من خلال المشاريع الاقتصادية، وكذلك في الحراك الثقافي، وذلك يفي بالمطلوب وزيادة، حتى إن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى أن الجاليات الشيعية، واللبنانية أساسا، تعد هي ثاني مستثمر في القارة السمراء بعد الصين بمبلغ 45 مليار دولار.
هكذا إذن، تنوع إيران أذرعها، فمن الأنشطة المسحلة الإرهابية، إلى الأنشطة المالية المشبوهة، تسعى لتحقيق أهدافها في ديار بعيدة عن ديارها.
الخميس, 21 نوفمبر 2024